@ 193 @ .
أما الذي يظهر أنه ضعيف فهو أن المعنى : أن تلك الحجارة ليست بعيدة من قوم لوط . أي لم تكن تخطئهم . .
قاله القرطبي وغيره . لأن هذا يكفي عنه قوله تعالى : { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً } ونحوها من الآيات . أما الوجهان اللذان يشهد لكل واحد منهما قرآن فالأول منهما : أن ديار قوم لوط ليست ببعيدة من الكفار المكذبين لنبينا . فكان عليهم أن يعتبروا بما وقع لأهلها إذا مروا عليها في أسفارهم إلى الشام ، ويخافوا أن يوقع الله بهم بسبب تكذيب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما وقع من العذاب بأولئك ، بسبب تكذيبهم لوطاً عليه الصلاة والسلام . والآيات الدالة على هذا كثيرة جداً . كقوله : { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وَبِالَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ، وقوله : { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } ، وقوله : { وَتَرَكْنَا فِيهَآ ءَايَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الاٌّ لِيمَ } وقوله : { وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ ءَايَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } إلى غير ذلك من الآيات . وعلى هذا القول فالضمير في قوله { وَمَا هِىَ } راجع إلى ديار قوم لوط المفهومة من المقام . .
الوجه الثاني أن المعنى : وما تلك الحجارة التي أمطرت على قوم لوط ببعيد من الظالمين للفاعلين مثل فعلهم ، فهو تهديد لمشركي العرب كالذي قبله . .
ومن الآيات الدالة على هذا الوجه قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الاٌّ رْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } فإن قوله : { وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } ظاهر جداً في ذلك ، والآيات بنحو ذلك كثيرة . .
تنبيه .
اختلف العلماء في عقوبة من ارتكب فاحشة قوم لوط ، وسنذكر إن شاء الله أقوال العلماء في ذلك وأدلتهم وما يظهر رجحانه بالدليل من ذلك فنقول وبالله جل وعلا نستعين : .
قال بعض العلماء : الحكم في ذلك : أن يقتل الفاعل والمفعول به مطلقاً سواء كانا محصنين أو بكرين ، أو أحدهما محصناً والآخر بكراً . .
وممن قال بهذا القول : مالك بن أنس وأصحابه ، وهو أحد قولي الشافعي ، وإحدى الروايتين عن أحمد . وحكى غير واحد إجماع الصحابة على هذا القول ، إلا أن القائلين به اختلفوا في كيفية قتل من فعل تلك الفاحشة .