@ 186 @ ترى . قوله تعالى . { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ } . ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أن إبراهيم لما سلم على رسل الملائكة وكان يظنهم ضيوفاً من الآدميين ، أسرع إليهم بالإتيان بالقري وهو لحم عجل حنيذ أي منضج بالنار وأنهم لما لم يأكلوا أوجس منهم خفية فقالوا لا تخف وأخبروه بخبرهم . .
وبين في الذاريات : أنه راغ إلى أهله أي مال إليهم فجاء بذلك العجل وبين أنه سمين ، وأنه قربه إليهم ، وعرض عليهم الأكل برفق فقال لهم : { أَلاَ تَأْكُلُونَ } وأنه أوجس منهم خيفة وذلك في قوله : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } . .
تنبيه .
يؤخذ من قصة إبراهيم مع ضيفه هؤلاء أشياء من آداب الضيافة . منها تعجيل القري لقوله { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } . .
ومنها كون القري من أحسن ما عنده ، لأنهم ذكروا أن الذي عنده البقر وأطيبه لحماً الفتى السمين المنضح . .
ومنها تقريب الطعام إلى الضيف . .
ومنها ملاطفته بالكلام بغاية الرفق ، كقوله { أَلاَ تَأْكُلُونَ } . .
ومعنى قوله { نَكِرَهُمْ } أي أنكرهم لعدم أكلهم ، والعرب تطلق نكر وأنكر بمعنى واحد وقد جمعهما قول الأعشى : ومعنى قوله { نَكِرَهُمْ } أي أنكرهم لعدم أكلهم ، والعرب تطلق نكر وأنكر بمعنى واحد وقد جمعهما قول الأعشى : % ( وأنكرتني وما كان الذي نكرت % من الحوادث إلا الشيب والصلعا ) % .
وروي عن يونس : أن أبا عمرو بن العلاء حدثه : أنه صنع هذا البيت وأدخله في شعر الأعشى . والله تعالى أعلم . قوله تعالى : { قَالَتْ ياوَيْلَتَا ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَاذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَاذَا لَشَىْءٌ عَجِيبٌ } . بين الله جل وعلا في هذه السورة الكريمة ما قالته امرأة إبراهيم لما بشرت بالولد وهي