@ 179 @ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى } في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) في سورة سبأ في الكلام على قوله تعالى { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ } . .
ويؤخذ من هذه الآيات الكريمة : أن الواجب على أتباع الرسل من العلماء وغيرهم أن يبذلوا ما عندهم من العلم مجاناً من غير أخذ عوض على ذلك ، وأنه لا ينبغي أخذ الأجرة على تعليم كتاب الله تعالى ، ولا على تعليم العقائد والحلال والحرام . .
ويعتضد ذلك بأحاديث تدل على نحوه ، فمن ذلك ما رواه ابن ماجه والبيهقي والروياني في مسنده عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : علمت رجلاً القرآن ، فأهدى لي قوساً ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن أخذتها أخذت قوساً من نار ) فرددتها . .
قال البيهقي وابن عبد البر في هذا الحديث : هو منقطع ، أي بين عطية الكلاعي وأبي بن كعب ، وكذلك قال المزي . .
وتعقبه ابن حجر بأن عطية ولد في زمن النَّبي صلى الله عليه وسلم . .
وأعله ابن القطان بأن راويه عن عطية المذكور هو عبد الرحمن بن سَلْم وهو مجهول . .
وقال فيه ابن حجر في التقريب . شامي مجهول . .
وقال الشوكاني في نيل الأوطار : وله طرق عن أبي . قال ابن القطان : لا يثبت منها شيء قال الحافظ وفيما قاله نظر . .
وذكر المزي في الأطراف له طرقاً منها : أن الذي أقرأه أبي هو الطفيل بن عمرو ، ويشهد له ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن الطفيل بن عمرو الدوسي قال . أقرأني أبي بن كعب القرآن فأهديت له قوساً فغدا إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم وقد تقلدها فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم : ( تقلدها من جهنم ) الحديث . وقال الشوكاني أيضاً : وفي الباب عن معاذ عند الحاكم والبزار بنحو حديث أبي . وعن أبي الدرداء عند الدارمي بإسناد على شرط مسلم بنحوه أيضاً . .
ومن ذلك ما رواه أبو داود وابن ماجه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال . علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن ، فأهدى إلى رجل منهم قوساً فقلت ليست بمال أرمي بها في سبيل الله عز وجل ، لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه ، فأتيته فقلت . يا رسول الله ، أهدى إلي رجل قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال أرمى عليها في سبيل الله ؟ فقال : ( إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها ) وفي إسناده المغيرة بن زياد الموصلي قال الشوكاني : وثقه وكيع ويحيى بن معين وتكلم فيه جماعة .