@ 154 @ وصرح في ( الكهف ) بأنه لا يترك منهم أحداً ، بقوله : { وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } . .
قوله تعالى : { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ } : .
صرح في هذه الآية الكريمة ، بأن كل نفس يوم القيامة تبلو ، أي تخبر وتعلم ما أسلفت ، أي قدمت من خير وشر ، وبين هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله : { يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } وقوله : { يَوْمَ تُبْلَى السَّرَآئِرُ } وقوله : { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } وقوله : { وَيَقُولُونَ ياوَيْلَتَنَا مَا لِهَاذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا } : .
وأما على قراءة تتلو بتاءين ففي معنى الآية وجهان : .
أحدهما : أنها تتلو بمعنى تقرأ في كتاب أعمالها جميع ما قدمت ، فيرجع إلى الأولى . .
والثاني : أن كل أمة تتبع عملها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لتتبع كل أمة ما كانت تعبده فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ) الحديث . .
قوله تعالى : { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ وَالاٌّ رْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والاٌّ بْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ } إلى قوله : { فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } . .
صرح الله تعالى في هذه الآية الكريمة ، بأن الكفار يقرون بأنه جل وعلا ، هو ربهم الرزاق المدبر للأمور المتصرف في ملكه بما يشاء ، وهو صريح في اعترافهم بربوبيته ، ومع هذا أشركوا به جل وعلا . .
والآيات الدالة على أن المشركين مقرون بربوبيته جل وعلا . ولم ينفعهم ذلك لإشراكهم معه غيره في حقوقه جل وعلا كثيرة ، كقوله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } وقوله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ } وقوله : { قُل لِّمَنِ الاٌّ رْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } إلى قوله : { فَأَنَّى تُسْحَرُونَ } إلى غير ذلك من الآيات ، ولذا قال تعالى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } . .
والآيات المذكورة صريحة في أن الاعتراف بربوبيته جل وعلا ، لا يكفي في الدخول في دين الإسلام إلا بتحقيق معنى لا إله إلا الله نفياً وإثباتاً ، وقد أوضحناه في سورة