@ 139 @ من الثمار . .
ولا شك أن ما ذكره مجاهد ، داخل في عموم الآية : فتحصل أن جميع ما ذكرناه من طرق حديث أبي ذر ، وحديث سمرة بن جندب المرفوعين وما صح من أخذ عمر زكاة الجلود من حماس ، وما روي عن أبي عمر ، وعمر بن عبد العزيز . وظاهر عموم الآية الكريمة ، وما فسرها به مجاهد ، وإجماع عامة أهل العلم إلا من شذ عن السواد الأعظم ، يكفي في الدلالة على وجوب الزكاة في عروض التجارة . والعلم عند الله تعالى . .
المسألة الخامسة : في زكاة الدين . وهل الدين مسقط للزكاة عن المدين أو لا ؟ ا .
اختلف العلماء في ذلك ، ومذهب مالك رحمه الله أن الدين الذي للإنسان على غيره يجري مجرى عروض التجارة في الفرق بين المدير وبين المحتكر ، وقد أوضحنا ذلك في المسألة التي قبل هذا . .
ومذهبه رحمه الله : أن الدين مانع من الزكاة في العين ، وعروض التجارة إن لم يفضل عن وفائه قدر ما تجب فيه الزكاة ، قال في ( موطئه ) : الأمر المجتمع عليه عندنا ، أن الرجل يكون عليه دين وعنده من العروض ما فيه وفاء لما عليه من الدين ، ويكون عنده من الناض سوى ذلك ، ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكي ما بيده من ناض تجب فيه الزكاة ، وإن لم يكن عنده من العروض والنقد إلا وفاء دينه فلا زكاة عليه . حتى يكون عنده من الناض فضل عن دينه ما تجب فيه الزكاة ، فعليه أن يزكيه . .
وأما الماشية والزروع والثمار ، فلا يسقط الدين وجوب زكاتها عنده . ومذهب الإمام الشافعي رحمه الله أن الدين إذا كان حالاً على موسر مقر أو منكر وعليه بينة فزكاته واجبة إن كان عيناً أو عرض تجارة ، وهذا قوله الجديد . وأما القديم : فهو أن الزكاة لا تجب في الدين بحال . .
أما إن كان الغريم معسراً أو جاحداً ولا بينة أو مماطلاً أو غائباً ، فهو عنده كالمغصوب ، وفي وجوب الزكاة فيه خلاف ، والصحيح الوجوب . ولكن لا تؤخذ منه بالفعل إلا بعد حصوله في اليد . .
وإن كان الدين مؤجلاً ففيه وجهان . .
أحدهما : لأبي إسحاق : أنه كالدين الحال على فقير أو ملىء جاحد . فيكون على الخلاف الذي ذكرناه آنفاً .