@ 113 @ من المثاني وإلى براءة وهي من المائين فقرنتم بينهما ، ولم تكتبوا بينهما سطر { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ } ووضعتموهما في السبع الطول فما حملكم على ذلك ؟ .
فقال عثمان رضي الله عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان إذا أنزل عليه شيء يدعو بعض من يكتب عنده ، فيقول : ضعوا هذا في السورة التي فيها كذا وكذا ، وتنزل عليه الآيات فيقول : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وكانت ( الأنفال ) من أوائل ما أنزل بالمدينة ، و ( براءة ) من آخر ما أنزل من القرآن ، وكانت قصتهما شبيهة بقصتها ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يبين لنا أنها منها فظننت أنها منها ، فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ } ، ووضعتها في السبع الطول . اه . .
تنبيهان .
الأول : يؤخذ من هذا الحديث أن ترتيب آيات القرآن بتوقيف من النَّبي صلى الله عليه وسلم . وهو كذلك بلا شك ، كما يفهم منه أيضاً : أن ترتيب سورة بتوقيف أيضاً فيما عدى سورة ( براءة ) ، وهو أظهر الأقوال ، ودلالة الحديث عليه ظاهرة . .
التنبيه الثاني : قال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله تعالى : في هذا الحديث دليل على أن القياس أصل في الدين : ألا ترى إلى عثمان وأعيان الصحابة كيف لجئوا إلى قياس الشبه عند عدم النص ، ورأوا أن قصة ( براءة ) شبيهة بقصة ( الأنفال ) فألحقوها بها ، فإذا كان القياس يدخل في تأليف القرآن ، فما ظنك بسائر الأحكام . ! 7 < { بَرَآءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُواْ فِى الاٌّ رْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِى الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الاٌّ كْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِىءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } > 7 ! قوله تعالى : { بَرَآءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ } إلى قوله تعالى : { أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } . .
ظاهر هذه الآية الكريمة العموم في جميع الكفار المعاهدين ، وأنه بعد انقضاء أشهر الإمهال الأربعة المذكورة في قوله : { فِى الاٌّ رْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } لا عهد لكافر . .
وفي هذا اختلاف كثير بين العلماء . والذي يبينه القرآن ، ويشهد له من تلك الأقوال ، هو أن محل ذلك إنما هو في أصحاب العهود المطلقة غير الموقتة بوقت معين ، أو من كانت مدة عهده الموقت أقل من أربعة أشهر ، فتكمل له أربعة أشهر . أما أصحاب العهود الموقتة الباقي من مدتها أكثر من أربعة أشهر ، فإنه يجب لهم إتمام مدتهم ، ودليله المبين له من القرآن . هو قوله تعالى : { إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }