@ 189 @ .
والثاني : سمعته من الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه . .
أما الأول فهو : إذا كانت مهمة الوسوسة التشكيك والذبذبة والتردد ، فإن عمومات التكليف تلزم المسلم بالعزم واليقين والمضي دون تردد كما في قوله : { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } ، وامتدح بعض الرسل بالعزم وأمر بالاقتداء بهم { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } . .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يربيك ) . .
والقاعدة الفقهية ( اليقين لا يرفع بشك ) . .
والحديث : ( يأتي الشيطان لأحدكم وهو في الصلاة فينفخ في مقعدته ، فيخيل إليه أنه أحدث ولم يحدث ، فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً ، أو يجد ريحاً ) . .
ومن هنا كانت التكاليف كلها على اليقين ، فالعقائد لا بد فيها من اليقين . .
والفروع في العبادات لا بد فيها من النية ( إنما الأعمال بالنيات ) . .
والشرط في النية الجزم واليقين ، فلو نوى الصلاة على أنه إن حضر فلان تركها ، لا تنعقد نيته ، ولو نوى صوماً أنه إن شاء أفطر ، لا ينعقد صومه . .
ونص مالك في الموطإ : أنه إن نوى ليوم الشك في ليلته الصوم غداً ، على أنه إن صح من رمضان فهو لرمضان ، وإلا فهو نافلة ، لا ينعقد صومه لا فرضًا ولا نفلاً حتى لو جاء رمضان لا يعتبر له منه ، وعليه قضاؤه لعدم الجزم بالنية . .
والحج : لو نواه لزمه ولزمه المضي فيه ، ولا يملك الخروج منه باختياره . .
وهكذا المعاملات في جميع العقود مبناها على الجزم حتى في المزح واللعب ، يؤاخذ في البعض كالنكاح والطلاق والعتاق . .
فمن هذا كله ، كانت دوافع العزيمة مستقاة من التكاليف ، مما يقضي على نوازع الشك والتردد ، ولم يبق في قلب المؤمن مجال لشك ولا محل لوسوسة . .
وقد كان الشيطان يفر من طريق عمر رضي الله عنه .