@ 169 @ في الأرض ، فيصب على رأس المعين من خلفه صبة واحدة ، وقيل : يغتفل ويصب عليه ، أي في حالة غفلته ، ثم يكفأ القدح على ظهر الأرض وراءه . .
وأما داخلة إزاره : فهو الطرف المتدلي الذي يفضي من مأزره إلى جلده مكانه ، إنما يمر بالطرف الأيمن على الأيسر ، حتى يشده بذلك الطرف المتدلي الذي يكون من داخل . ا ه . .
ومما يرشد إليه هذا الحديث تغيظه صلى الله عليه وسلم على عامر بن ربيعة . .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( علام يقتل أحدكم أخاه ) مما يبيِّن شناعة هذا العمل ، وأنه قد يقتل . .
ومما ينبغي مراعاته من كل من الطرفين من ابتلى بالعين ، فليبارك عند رؤيته ما يعجبه لئلا يصيب أحداً بعينه ، ولئلا تسبقه عينه . .
وكذلك من اتهم أحداً بالعين ، فليكبر ثلاثاً عند تخوفه منه . فإن الله يدفع العين بذلك . والحمد للَّه . .
وقد ذكروا للحسد دواء كذلك ، أي يداوي به الحاسد نفسه ليستريح من عناء الحسد المتوقد في قلبه المنغض عليه عيشه الجالب عليه حزنه ، وهو على سبيل الإجمال في أمرين . العلم ثم العمل . .
والمراد بالعلم هو أن يعلم يقيناً أن النعمة التي يراها على المحسود ، إنما هي عطاء من الله بقدر سابق وقضاء لازم ، وأن حسده إياه عليها لا يغير من ذلك شيئاً ، ويعلم أن ضرر الحسد يعود على الحاسد وحده في دينه لعدم رضائه بقدر الله وقسمته لعباده ، لأنه في حسده كالمعترض على قوله تعالى : { نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا } ، وفي دنياه لأنه يورث السقام والأحزان والكآبة ونفرة الناس منه ومقتهم إياه ، ومن وراء هذا وذاك ، العقاب في الآخرة . .
أما العمل فهو مجاهدة نفسه ضد نوازع الحسد ، كما تقدمت الإشارة إليه في الأسباب ، فإذا رأى ذا نعمة فازدرته عينه ، فليحاول أن يقدره ويخدمه . .
وإن راودته نفسه بالإعجاب بنفسه ، ردها إلى التواضع وإظهار العجز والافتقار . .
وإن سوّلت له نفسه تمني زوال النعمة عن غيره ، صرف ذلك إلى تمني مثلها لنفسه . وفضل الله عظيم .