@ 165 @ الكرامات من خلقه بيديه ، وأمر الملائكة بالسجود له ، فحمله الحسد على التكبر ، ومنعه التكبر من امتثال الأمر بالسجود ، فكانت النتيجة طرده ، عياذاً باللَّه . .
أسباب الحسد .
وبتأمل القصة ، يظهر أن الحامل على الحسد أصله أمران : .
الأول : ازدراء المحسود . .
والثاني : إعجاب الحاسد بنفسه ، كما قال إبليس معللاً لامتناعه من السجود : { أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ } . .
ثم فصل معنى الخيرية المزعومة بقوله : { خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } ، ويلحق بذلك جميع الأسباب . .
وقد ذكروا منها التعزز في نفسه ، ولا يريد لأحد أن يرتفع عليه ، والتعجب بأن يعجب بنفسه ، ولا يرى أحدًا أولى منه ، والخوف من فوات المقاصد عند شخص إذا رآه سيستغني عنه ، وحب الرئاسة ممن لا يريد لأحد أن يتقدم عليه في أي فن أو مجال . .
وذكرها الرازي نقلاً عن الغزالي . .
ومن هنا لا نرى معجباً بنفسه قط ، إلا ويزدري الآخرين ويحسدهم على أدنى نعمة أنعمها الله عليهم . عافانا الله من ذلك . .
تنبيه .
إذا كانت أول معصية وقعت هي حسد إبليس لأبينا آدم على ما أنعم الله به عليه ، وجاء حسد المشركين لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على نعمة الوحي ، وحسد أهل الكتاب للمسلمين على نعمة الإسلام ، وجاءت هذه السورة في أواخر القرآن ، فكأنها جاءت في أعقاب القرآن لتذكر المسلمين بعظم نعمته عليهم وشدة حسدهم عليه ، ليحذروا أعداءهم الذين يكيدون لهم في دينهم ، من كل من الجنة والناس ، على ما سيأتي في السورة بعدها والأخيرة ، إن شاء اللَّه .