@ 123 @ المجد في المنتقى ، وقال : رواه الخمسة إلا النسائي . .
وبحديث صفوان بن أمية ، أن النَّبي صلى الله عليه وسلم استعار منه يوم حنين أذرعاً قيل ثلاثين ، وقيل ثمانين ، وقيل مائة . فقال : أغصباً يا محمد ؟ قال : ( بل عارية مضمونة ، فقال : فضاع بعضها ، فعرض عليه النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يضمنها له ، فقال : أنا اليوم في الإسلام أرغب ) رواه أحمد وأبو داود . .
ونص الفقهاء : أن ضمانها بقيمتها يوم تلفت أو بمثلها ، إن كانت مثلية ، ويستدل له بما جاء في قصعة حفصة لما ضربتها عائشة فسقطت على الأرض فانكسرت ، وانتثر الطعام ، فأخذ صلى الله عليه وسلم قصعة عائشة وردها إلى حفصة ، وقال : ( قصعة بقصعة ، وطعام بطعام ) أي أن الضمان إما بالمثل إن كان مثلياً ، أو بالقيمة إن كان مقوماً . .
وإذا كانت العارية مضمونة وحكمها الجواز ، فللمستعير طلب ردها متى شاء ، إلا إذا تعلقت بها مصلحة المستعير ، ولا يمكن ردها إلا بمضرة عليه . .
قالوا : كمن أعار سفينة وتوسط بها المستعير عرض البحر ، فلا يملك المعير ردها لتعذر ذلك وسط البحر . .
وقيل : له طلبها ، وتكون بالأجرة على المستعير ، والأول أرجح . .
وكالذي أعار أرضاً للزرع ، وقبل أن يستحصد الزرع يطلبها صاحبها ، وهكذا . واللَّه تعالى أعلم . .
حكم من جحد العارية .
إن حديث المرأة المخزومية مشهور ، وهو أنها كانت تستعير المتاع وتجحده ، فاشتهرت بذلك ، ثم إنها سرقت فقطعت في السرقة ، لا في جحد المتاع المستعار ، وهذا هو الأصح . لأن السرقة لا تكون إلا على وجه التخفي ومن حرز . .
والاستعارة خلاف ذلك ، وإنما تدخل في قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الاحَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } . .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) .