@ 115 @ قد تجد ما يمنع منها ، كالقتل والزنى والخمر لتعلق حق الآخرين ، وكذلك السرقة والنهب . .
أما إيذاء اليتيم وضياع المسكين ، فليس هناك من يدفع عنه ، ولا يمنع إيذاء هؤلاء عنهما ، وليس لديهما الجزاء الذي ينتظره أولئك منهم على الإحسان إليهم . .
وجبلت النفوس على ألا تبدل إلا بعوض ، ولا تكف إلا عن خوف ، فالخوف مأمون من جانبي اليتيم والمسكين ، والجزاء غير مأمول منهما ، فلم يبق دافع للإحسان إليهما ، ولا رادع عن الإساءة لهما إلا الإيمان بيوم الدين والجزاء ، فيحاسب الإنسان على مثقال الذرة من الخير . .
وقيل : إن دع اليتيم : هو طرده عن حقه ، وعدم الحض على طعام المسكين : عدم إخراج الزكاة . .
ولكن في الآية ما يمنع ذلك ، لأن الزكاة إنما يطالب بها المؤمن والسياق فيمكن يكذب بيوم الدين فلا زكاة . { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } . اختلف في المصلين الذين توجه إليهم الوعيد بالويل هنا . .
والجمهور : على أنهم الذين يسهون عن آدائها ، ويتساهلون في أمر المحافظة عليها . .
وقيل : عن الخشوع فيها وتدبر معانيها . .
ولكن الصحيح أنه الأول . .
وقد جاء عن عطاء وعن ابن عباس أنهما قالا : الحمد للَّه الذي قال عن صلاتهم ، ولم يقل في صلاتهم ، كما أن السهو في الصلاة لم يسلم منه أحد ، حتى أنه وقع من النَّبي صلى الله عليه وسلم لما سلم من ركعتين في الظهر كما هو معلوم من حديث ذي اليدين ، وقال : ( إني لا أنسى ، ولكني أنسى لأسنَّ ) فكيف ينسيه الله ليسنَّ للناس أحكام السهو ، ويقع الناس في السهو بدون عمد منهم . .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه ) .