@ 112 @ .
والثاني : { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ } . .
ثم بين الموجب بقوله : { الَّذِىْ خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } . .
ثم عدد عليهم نعمه بقوله : { الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الاٌّ رْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَآءَ بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ } . .
فهذه النعم تعادل الإطعام من جوع ، والأمن من خوف ، في حق قريش ، ومن ذلك قوله تعالى : { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } . .
وقد بين تعالى أن الشكر يزيد النعم والكفر يذهبها ، إلا ما كان استدراجاً ، فقال في شكر النعمة : { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } . .
وقال في الكفران وعواقبه : { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } . .
وبهذه المناسبة إن على كل مسلم أفراداً وجماعات ، أن يقابلوا نعم الله بالشكر ، وأن يشكروها بالطاعة والعبادة للَّه ، وأن يحذروا كفران النعم . .
تنبيه آخر .
في الجمع بين إطعامهم من جوع وآمنهم من خوف ، نعمة عظمى لأن الإنسان لا ينعم ولا يسعد إلا بتحصيل النعمتين هاتين معًا ، إذ لا عيش مع الجوع ، ولا أمن مع الخوف ، وتكمل النعمة باجتماعهما . .
ولذا جاء الحديث ( من أصبح معافًى في بدنه آمناً في سربه عنده قوت يومه ، فقد اجتمعت عنده الدنيا بحذافيرها ) . .
تنبيه آخر .
إن في هذه السورة دليلاً على أن دعوة الأنبياء مستجابة ، لأن الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام دعا لأهل الحرام بقوله : { فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مَّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِّنَ الثَّمَرَاتِ } .