@ 96 @ .
فكأن قوله : { وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ } ، مساوياً لقوله : وتواصوا بالصراط المستقيم . واستقيموا عليه . .
ثم في سورة الفاتحة : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } ، وهذا صراط الله المستقيم فاتبعوه . .
فكانت سورة العصر مشتملة على التواصي بالاستقامة على صراط الله المستقيم واتباعه ، ويأتي عقبها قوله : { وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ } ، بمثابة التثبيت على هذا الصراط المستقيم إذ الصبر لازم على عمل الطاعات ، كما هو لازم لترك المنكرات . .
وتلك الوصايا العشر جمعت أمراً ونهياً فعلاً وتركاً وكذلك فيه الإشارة إلى ما يقوله دعاة الإسلام من أن العمل الصالح والدعوة إلى الحق والتواصي به ، فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وغالباً من يقوم به يتعرض لأذى الناس ، فلزمهم التواصي بالصبر ، كما قال لقمان لابنه يوصيه وجامعاً في وصيته وصية سورة العصر إذ قال : { يابُنَىَّ أَقِمِ الصَّلَواةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الاٍّ مُورِ } . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتفصيل عند قوله تعالى : { ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ } ، في سورة المائدة . .
فصارت هذه السورة بحق جامعة لأصول الرسالة . .
كما روي عن الشافعي رحمه الله أنه قال : لو تأمل الناس هذه السورة لكفتهم . .
قوله : { وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ } ، جاء الحث على التواصي بالرحمة أيضاً مع الصبر ، في قوله تعالى : { ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْمَرْحَمَةِ } . .
وبهذه الوصايا الثلاث : بالتواصي بالحق ، والتواصي بالصبر والتواصي بالمرحمة ، تكتمل مقومات المجتمع المتكامل قوامه الفضائل المثلى ، والقيم الفضلى . .
لأن بالتواصي بالحق إقامة الحق ، والاستقامة على الطريق المستقيم .