@ 94 @ .
وقد قدمنا هذه المسألة مفصلة . .
والصالحات : جمع صالحة ، وتقدم للشيخ رحمه الله تعالى علينا وعليه تعريفه وشروط كون العمل صالحاً بأدلته من كونه موافقاً لكتاب الله وعمله صاحبه خالصًا لوجه الله وكونه صادرًا من مؤمن باللَّه ، إلخ . .
وقوله : { وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ } . .
يعتبر التواصي بالحق ، من الخاص بعد العام ، لأنه داخل في عمل الصالحات . .
وقيل : إن التواصي ، أن يوصي بعضهم بعضًا بالحق . .
وقيل : الحق كل ما كان ضد الباطل ، فيشمل عمل الطاعات ، وترك المعاصي . .
واعتبر هذا أساساً من أسس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بقرينة التواصي بالصبر ، أي على الأمر والنهي ، على ما سيأتي إن شاء اللَّه . .
وقيل : الحق ، هو القرآن ، لشموله كل أمر وكل نهي ، وكل خير ، ويشهد لذلك قوله تعالى في حق القرآن { وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ } . .
وقوله : { إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينِ } . .
وقد جاءت آيات في القرآن تدل على أن الوصية بالحق تشمل الشريعة كلها ، أصولها وفروعها ، ماضيها وحاضرها ، من ذلك ما وصى الله به الأنبياء وعموماً ، من نوح وإبراهيم ومن بعدهم في قوله تعالى : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الِدِينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ } . .
وإقامة الدين للقيام بكليته ، وقد كانت هذه الوصية عمل الرسل لأممهم ومن بعدهم ، فنفذها إبراهيم عليه السلام كما قال تعالى : { وَوَصَّى بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِىَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } . .
ومن بعد إبراهيم يعقوب كما قال تعالى : { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَاهَكَ وَإِلَاهَ آبَآئِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاق