@ 575 @ .
وفي هذا كما قدمنا توجيه لكل داعية إلى اللَّه ، أن يكون رحب الصدر هادىء النفس متجملاً بالصبر . .
وقوله : { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } ، والوضع يكون للحط والتخفيف ، ويكون للحمل والتثقيل ، فإن عدي بعن كان للحط ، وإن عدي بعلى كان للحمل ، في قولهم : وضعت عنك ، ووضعت عليك ، والوزر لغة الثقل . .
ومنه : حتى تضع الجرب أوزارها ، أي ثقلها من سلاح ونحوه . .
ومنه الوزير : المتحمل ثقل أميره وشغله ، وشرعاً الذنب كما في الحديث : ( ومن سنَّ سنة سيئة ، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) ، وقد يتعاوران في التعبير كقوله تعالى : { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً } ، وقوله مرة أخرى { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } . .
وقد أفرد لفظ الوزر هنا وأطلق ، ولم يبين ما هو وما نوعه ، فاختلف فيه اختلافاً كثيراً . .
فقيل : ما كان فيه من أمر الجاهلية ، وحفظه من مشاركته معهم ، فلم يلحقه شيء منه . .
وقيل : ثقل تألمه مما كان عليه قومه ، ولم يستطع تغييره ، وشفقته صلى الله عليه وسلم بهم ، أي كقوله تعالى : { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىءَاثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَاذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً } ، أي أسفاً عليهم . .
وقال أبو حيان : هو كناية عن عصمته صلى الله عليه وسلم من الذنوب ، وتطهيره من الأرجاس . .
وقال ابن جرير : وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك ، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها . .
وقال ابن كثير : هو بمعنى { لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } . .
فكلام أبي حيان : يدل على العصمة ، وكلام ابن جرير يدل على شيء في الجاهلية ، وكلام ابن كثير مجمل .