@ 571 @ المذكورات والتحدث بها شكرها عملياً من إيواء اليتيم كما آواه اللَّه ، وإعطاء السائل كما أغناه اللَّه ، وتعليم المسترشد كما علمه اللَّه ، وهذا من شكر النعمة ، أي كما أنعم الله عليك ، فتنعّم أنت على غيرك تأسياً بفعل الله معك : .
وقيل : التحدث بنعمة الله هو التبليغ عن الله من آية وحديث ، والنعمة هنا عامة لتنكيرها وإضافتها ، كما في قوله تعالى : { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } ، أي كل نعمة ، ولكن الذي يظهر أنها في الوحي أظهر أو هو أولى بها ، أو هو أعظمها ، لقوله تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً } ، فقال : نعمتي ، وهنا نعمة ربك . ولا يبعد عندي أن يكون صلى الله عليه وسلم إنما نحر مائة ناقة في حجة الوداع ، لما أنزل الله عليه هذه الآية ، ففعل شكراً للَّه على إتمام النعمة بإكمال الدين . .
وقد قالوا في مناسبة هذه السورة بما قبلها : إن التي قبلها في الصديق { وَسَيُجَنَّبُهَا الاٌّ تْقَى * الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لاًّحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ الاٌّ عْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى } ، وهنا في الرسول صلى الله عليه وسلم { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلاٌّ خِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الاٍّ ولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } ، مع الفارق الكبير في العطاء والخطاب . .
والواقع أن مناسبات السور القصار ، أظهر من مناسبات الآي في السورة الواحدة ، كما بين هاتين السورتين والليل مع والضحى ، ثم ما بين والضحى وألم نشرح ، إنها تتمة النعم التي يعددها الله تعالى على رسوله . .
وهكذا على ما ستأتي الإشارة إليه في محله إن شاء الله تعالى . أعلم علماً بأن بعض العلماء لم يعتبر تلك المناسبات . .
ولكن ما كانت المناسبة فيه واضحة ، فلا ينبغي إغفاله ، وما كانت خفية لا ينبغي التكلف له .