@ 555 @ ودعك ، بالتخفيف من الودع ، أي من الترك ، كما قال أبو الأسود : مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } ، قرىء بالتشديد من توديع المفارق . وقرىء : ما ودعك ، بالتخفيف من الودع ، أي من الترك ، كما قال أبو الأسود : % ( ليت شعري عن خليل ما الذي % نما له في الحب حتى ودعه ) % .
أي تركه ، وقول الآخر : أي تركه ، وقول الآخر : % ( وثم ودعنا آل عمرو وعامر % فرائس أطراف المثقفة السمر ) % .
أي تركوهم فرائس السيوف . .
قال أبو حيان : والتوديع مبالغة في الودع ، لأن من ودعك مفارقاً ، فقد بالغ في تركك . ا ه . .
والقراءة الأولى أشهر وأولى ، لأن استعمال ودع بمعنى ترك قليل . .
قال القرطبي ، وقال المبرد : لا يكادون يقولون : ودع ولا وذر ، لضعف الواو إذا قدمت واستغنوا عنها بترك ، ويدل على قول المبرد سقوط الواو في المضارع ، فتقول في مضارع : ودع يدع كيزن ويهب ويرث ، من وزن ووهب وورث ، وتقول في الأمر : دع وزن ، وهبْ ، أما ذر بمعنى اترك ، فلم يأت منه الماضي ، وجاء المضارع : يذرهم ، والأمر : ذرهم . فترجحت قراءة الجمهور بالتشديد من ودعك من التوديع . .
وقد ذكرنا هذا الترجيح ، لأن ودع بمعنى ترك فيها شدة وشبه جفوة وقطيعة ، وهذا لا يليق بمقام المصطفى صلى الله عليه وسلم عند ربه . أما الموادعة والوداع ، فقد يكون مع المودة والصلة ، كما يكون بين المحبين عند الافتراق ، فهو وإن وادعه بجسمه فإنه لم يوادعه بحبه وعطفه ، والسؤال عنه وهو ما يتناسب مع قوله تعالى : { وَمَا قَلَى } . .
تنبيه .
هنا ما ودعك بصيغة الماضي ، وهو كذلك للمستقبل ، بدليل الواقع وبدليل { وَلَلاٌّ خِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الاٍّ ولَى } ، لأنها تدل على مواصلة عناية الله به حتى يصل إلى الآخرة فيجدها خيراً له من الأولى ، فيكون ما بين ذلك كله في عناية ورعاية ربه . .
وقد جاء في صلح الحديبية ، قال لعمر : أنا عبد اللَّه ورسوله ، أي تحت رحمته وفي رعايته .