@ 551 @ .
وهو كما هو هنا { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لاَ يَصْلَاهَآ إِلاَّ الاٌّ شْقَى * الَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّى } ، وهو المعنى في قوله قبله : { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى } ، مما يدل أن للنار عدة حالات أو مناطق أو منازل ، كل منزلة تختص بصنف من الناس ، فاختصت لظى بهذا الصنف ، واختصت سقر بمن لم يكن من المصلين ، وكانوا يخوضون مع الخائضين ، ونحو ذلك . ويشهد له قوله : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الاٌّ سْفَلِ مِنَ النَّارِ } ، كما أن الجنة منازل ودرجات ، حسب أعمال المؤمنين ، واللَّه تعالى أعلم . { لاَ يَصْلَاهَآ إِلاَّ الاٌّ شْقَى * الَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الاٌّ تْقَى * الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى } . هذه الآية من مواضع الإيهام ، ولم يتعرض لها في دفع إيهام الاضطراب ، وهو أنها تنص وعلى سبيل الحصر ، أنه لا يصلى النار إلاَّ الأشقى مع مجيء قوله تعالى : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } مما يدل على ورود الجميع . .
والجواب من وجهين : الأول كما قال الزمخشري : إن الآية بين حالي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين . .
فقيل : الأشقى وجعل مختصاً بالصلى ، كأن النار لم تخلق إلا له ، وقال الأتقى ، وجعل مختصاً بالجنة ، وكأن الجنة لم تخلق إلا له ، وقيل : عنهما هما أبو جهل أو أُمية بن خلف المشركين ، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه ، حكاه أبو حيان عن الزمخشري . .
والوجه الثاني : هو أن الصلى الدخول والشي ، وأن يكون وقود النار على سبيل الخلود ، والورود والدخول المؤقت بزمن غير الصلى لقوله في آية الورود ، التي هي قوله تعالى : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } ، { ثُمَّ نُنَجِّى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } ، ويبقى الإشكال ، بين الذين اتقوا وبين الأتقى ويجاب عنه : بأن التقى يرد ، والأتقى لا يشعر بورودها ، كمن يمر عليها كالبرق الخاطف . واللَّه تعالى أعلم . .
ولولا التأكيد في آية الورود بالمجيء بحرف من وإلا وقوله : { كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } لولا هذه المذكورات لكان يمكن أن يقال : إنها مخصوصة بهذه