@ 485 @ .
فقيل : راجعان إلى من أحرقوا وأقعدوا عليها . .
وقيل : راجعان إلى الكفار . .
وعليه نفي قوله : { عَلَيْهَا قُعُودٌ } ، إشكال وهو كيف يتمكن لهم القعود على النار . .
فقيل : إنها رجعت عليهم فأحرقتهم ، فقعودهم عليها حقيقة . .
وقيل : قعود على حافتها . كما تقول : قعود على النهر أو على البئر أو على حافته وحوله ، كما يقال : نزل فلان على ماء كذا ، أي عنده . .
وأنشد أبو حيان بيت الأعشى : وأنشد أبو حيان بيت الأعشى : % ( تشب لمقرورين يصطليانها % وبات عَلى النار الندى والمحلق ) % .
وقد استدل صاحب القول الأول بقوله تعالى الآتي : { فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } ، فقال : الحريق في الدنيا وجهنم في الآخرة . .
ولكن في الآية قرينة ، على أن الضمائر راجعة إلى الكفار الذين قتلوا المؤمنين وأحرقوهم ، وهي قوله : { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ } ، حيث رتب العذاب المذكور على عدم التوبة ، وجاء بثم التي هي للتراخي ، مما يدل على أنهم لم تحرقهم نارهم انتقاماً منهم حالاً ، بل أمهلوا ليتوبوا من فعلتهم الشنيعة ، وإلاَّ فلهم العذاب المذكور في الآخرة . واللَّه تعالى أعلم . { وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ } . بمعنى حضور يتفق قوله تعالى : { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ } ، أي حضور يشاهدون إحراق المؤمنين ، وهذا زيادة في التبكيت بهم ، إذ يرون هذا المظهر بأعينهم ولم يشفقوا بهم ولم يعتبروا بثباتهم . { وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } . هذا ما يسمى أسلوب المدح بما يشبه الذم ونظيره في العربية أقوال الشاعر : وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } . هذا ما يسمى أسلوب المدح بما يشبه الذم ونظيره في العربية أقوال الشاعر : % ( ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم % بهن فلول من قراع الكَتائب ) %