@ 446 @ يغدو ، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ) ، فإن كان يشغل عمره في الخير فقد ربح ، وأعتق نفسه وإلاَّ فقد خسر وأهلكها ) . .
ويشير لذلك أيضاً قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الّجَنَّةَ } . .
فصح أن الدنيا سوق ، والسلعة فيها عمل الإنسان ، والمعاملة فيه مع الله تعالى ، فظهر الربط والمناسبة مع المقسم به ، والمقسم عليه . { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } . أجمعوا على أن المراد بالقول هو القرآن ، وأما المراد بالرسول الكريم جبريل عليه السلام بدليل قوله تعالى : { ذِى قُوَّةٍ عِندَ ذِى الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } . .
فصاحبكم هنا : هو محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي صحبهم منذ ولادته وذو القوة عند ذي العرش : هو جبريل عليه السلام ، وفي إسناد القول إليه ما قد يثير شبهة أن القول منه ، مع أنه كلام الله تعالى . .
وقد أجاب الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب ، بإيراد النصوص الصريحة في أن القرآن كلام الله تعالى ، وقال : وإن في نفس هذه الآية ما يرد هذه الشبهة ، ويثبت تلك الحقيقة ، وهي قوله تعالى : { لَقَوْلُ رَسُولٍ } لأن الرسول لا يأتي بقول من عنده ، وإنما القول الذي جاء به هو ما أرسل به من غيره ، إلى ما أرسل إليه به . .
تنبيه .
في وصف جبريل عليه السلام بتلك الأوصاف .
نص في تمكينه من حفظ ما أرسل به ، وصيانته عن التغيير والتبديل ، لأنه مكين ، فلا يصل إليه ما يخل برسالته ، ولأنَّه مطاع ثم . والمطاع لا يؤثر عليه غيره ، والأمين لا يخون ولا يبدل ، فكان القرآن الذي جاء به مصوناً من أن يتسلط أحد