@ 435 @ هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } ، وهو مروي عن الحسن وابن زيد ، ورجحه ابن كثير . .
ولعل ما رجحه ابن كثير هو الأرجح ، لأن تيسير الولادة أمر عام في كل حيوان ، وهو مشاهد ملموس ، فلا مزية للإنسان فيه على غيره ، كما أن ما قبله دال عليه أو على مدلوله وهو القدرة في قوله تعالى : { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ } . .
وقد يكون تيسير الولادة داخلاً تحت قوله : فقدره . أي قدر تخلقه وزمن وجوده وزمن خروجه ، وتقديرات جسمه وقدر حياته ، وقدر مماته ، كما هو معلوم . .
أما تيسير سبيل الدين ، فهو الخاص بالإنسان . وهو المطلوب التوجه إليه . وهو الذي يتعلق بغيره ما بين تخلقه من نطفة وتقديره . وبين إماتته وإقباره . أي فترة حياته في الدنيا ، أي خلقه من نطفة وقدر مجيئه إلى الدنيا . ويسر له الدين في التكاليف . ثم أماته ليرى ماذا عمل { ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ } . .
ولذا جاء في النهاية بقوله : كلا لما يقض ما أمره . وليس هنا ما يدل على الأمر . إلاَّ السبيل يسره . والله تعالى أعلم . { فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * ثُمَّ شَقَقْنَا الاٌّ رْضَ شَقّاً * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَآئِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً } . بعد ما بين له مم خلق ، بين له هنا كيف يطعمه ، وفي كليهما آية على القدرة . .
وقد اتفقت الآيتان على خطوات ثلاث متطابقة فيهما . فصب الماء من السماء إلى الأرض ، يقابل دفق الماء في الرحم . وشق الأرض للنبات ، يقابل خروجه إلى الدنيا . وإنبات أنواع النباتات ، يقابل تقادير الخلق المختلفة . .
وفي التنصيص على أنواع النبات من حب وقضب وعنب ورمان وزيتون ونخيل وفواكه متعددة ، وحدائق ملتفة ، لظهور معنى المغايرة فيها ، مع أنها من أصلين مشتركين : الماء من السماء . والتربة في الأرض ، يسقى بماء واحد . .
ومرة أخرى . يقال للشيوعيين والدهريين : { قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ * مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُ } . { أَفَرَءَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ * أَءَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الْخَالِقُونَ