@ 431 @ فهذا كفيف البصر ، ولكن وقاد البصيرة أبصر الحق وآمن ، وجاء مع عماه يسعى طلباً للمزيد ، وأنتم تغلقت قلوبكم وعميت بصائركم فلم تدركوا الحقيقة ولم تبصروا نور الإيمان ، كما في الآية الكريمة : { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الاٌّ بْصَارُ وَلَاكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ } والعلم عند الله تعالى . .
تنبيه .
مما اتفق عليه المحدثون : جواز ذكر مثل هذه الأوصاف إذا كانت للتعريف لا للتنقيص ، فقالوا : الأعمى والأعور والأعرج . وفي الحرف قالوا : الخراز ، والخرقى ، ونحو ذلك ، وهذا ما فيه مصلحة لترجمة الرجال في السند . .
ومثله : ليس تنابزاً بالألقاب في هذا الفن . والله تعالى أعلم . .
ومثله : إذا كان للتعريف في غرض سليم دون تنقص كما قدمنا . .
وقوله تعالى : { عَبَسَ وَتَوَلَّى } ، فإن فيه مثل ما في قوله تعالى : { أَن جَآءَهُ الاٌّ عْمَى } لأن العبوسة أمر لا يتفق في الظاهر مع قوله تعالى في حقه صلى الله عليه وسلم ، { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } وقوله : { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } . ولم أقف على جواب لذلك ، ولم يتعرض له الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب . .
والذي يظهر والله تعالى أعلم ، أنه لا يتأتى معه ، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتكلم بما يسيء إلى هذا الصحابي في نفسه بشيء يسمعه فيزعجه ، كل ما كان منه صلى الله عليه وسلم إنما هو تقطيب الجبين ، وهذه حركة مرئية لا مسموعة . .
والحال : أن هذا أعمى لا يرى تلك الحركة ، فكأنه لم يلق إساءة منه صلى الله عليه وسلم . .
ثم إنه صلى الله عليه وسلم مطمئن له لما هو عليه من خير في دينه . كما قال في حنين : وأكل أقواماً إلى ما في قلوبهم ، أي لما أعطى المؤلفة قلوبهم ، ولم يعط الأنصار ما هو معروف في القصة ، فلم يعاتبه الله على ذلك . ورضي الأنصار وبكوا فرحاً ورضا . .
ثم إن تقطيب الجبين وانبساط أسارير الوجه لحزن أو فرح ، يكاد يكون جبلياً مما