@ 404 @ .
وجاء في الحديث : ( لن يدخل أحدكم الجنة بعمله ) ، ولا معارضة بين النصين ، إذ الدخول بفضل من الله وبعد الدخول يكون التوارث وتكون الدرجات ويكون التمتع بسبب الأعمال . فكلهم يشتركون في التفضل من الله عليهم بدخول الجنة ، ولكنهم بعد الدخول يتفاوتون في الدرجات بسبب الأعمال . قوله تعالى : { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ } . في الآية التي قبلها قال تعالى : { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } . .
وهنا قال : { نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ } ، ولم يقل نجزي العاملين ، مما يشعر بأن الجزاء إنما هو على الإحسان في العمل لا مجرد العمل فقط ، وتقدم أن الغاية من التكليف ، إنما هي الإحسان في العمل { تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ الَّذِى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَواةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك في سورة الكهف عند قوله تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الاٌّ رْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } . قوله تعالى : { وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ } . هذه الآية الكريمة من آيات الاستدلال على أن الكفار مؤاخذون بترك الفروع ، وتقدم التنبيه على ذلك مراراً ، والمهم هنا أن أكثر ما يأتي ذكره من الفروع هي الصلاة مما يؤكد أنها هي بحق عماد الدين . قوله تعالى : { فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } . أي بعد هذا القرآن الكريم لما فيه من آيات ودلائل ومواعظ كقوله تعالى : { فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَءايَاتِهِ يُؤْمِنُونَ } . .
وقد بين تعالى أنه نزله أحسن الحديث هدى في قوله تعالى : { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ } . .
وذكر ابن كثير في تفسيره عن ابن أبي حاتم إلى أبي هريرة يرويه : إذا قرأ { وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفاً } فقرأ { فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } فليقل : آمنت بالله وبما أنزل .