@ 398 @ { ياأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ الَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } . قوله تعالى : { نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ } . الأسر : الربط بقوة مأخوذ من الأسر هو جلد البعير رطباً ، وهو القد ، وسمي الأسير أسيراً لشد قيده بقوة بجلد البعير الرطب ، وهو هنا تقويه بشد ربط الأعضاء المتحركة في الإنسان في مفاصله بالعصب ، وهو كناية عن الاتقان والقوة في الخلق . .
وقد بين تعالى ذلك في قوله : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } ، وقوله : { الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُ } . قوله تعالى : { فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً } . السبيل هنا منكر ، ولكنه معين بقوله : { إِلَى رَبِّهِ } ، لأن السبيل إلى ربه هو السبيل المستقيم . .
كما قال تعالى : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } وفي النهاية قال : { وَأَنَّ هَاذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ } ، وهو الصراط المستقيم الذي دعا إليه صلى الله عليه وسلم . .
كما في قوله تعالى : { وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الاٌّ رْضِ } وهو القرآن الكريم كما تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في قوله تعالى : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } ، وقد بين تعالى أنه القرآن كله في قوله تعالى { الم ذَالِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } بعد قوله : { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } ، كأنه قال : الهادي إلى الصراط المستقيم المنوه عنه في الفاتحة : هو القرآن الكريم { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ } إلى آخر الصفات ، فيكون السبيل هنا معلوماً . .
وقوله تعالى قبلها : { إِنَّ هَاذِهِ تَذْكِرَةٌ } مشعر بأن السبيل عن طريق التذكر فيها والاتعاظ بها . .
وقوله : { فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً } ، علق اتخاذ السبيل إلى الله على مشيئة من