@ 393 @ وإتمام النعمة . .
قوله تعالى { إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } الأمشاج . الأخلاط ، كما قال تعالى { مِن مَّآءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَآئِبِ } . قوله تعالى : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } . بين تعالى أنه هدى الإنسان السبيل ، وهو بعد الهداية إما شاكراً وإما كفوراً . .
وهذه الهداية هداية بيان وإرشاد ، كما في قوله تعالى { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى } كما أن الهداية الحقيقية بخلق التوفيق فضلاً من الله على من شاء ، كما تقدم عند قوله تعالى { إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَاكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ } . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان الجمع بين الآيتين ، ومعنى الهداية العامة والخاصة . قوله تعالى : { سَلَاسِلَ وَأَغْلَالاً } . بين تعالى نوع هذه السلاسل بذرعها في قوله تعالى { فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً } . قوله تعالى : { يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ } . مادة يشرب تتعدى بنفسها ، فيقال : يشرب كأساً بدون مجيء من ، ومن للتبعيض وللابتداء ، فقيل : هي هنا للابتداء ، وأن الفعل مضمن معنى فعل آخر ، وهو يتنعمون ويرتوون كما قالوا في عيناً يشرب بها عباد الله . إذ الباء تكون للإرادة ولا إرادة هنا ، فهم يتنعمون بها . .
والذي يظهر أن من للتبعيض فعلاً ، وأن شرب أهل الجنة على سبيل الترفه والتلذذ ، وهي عادة المترفين المنعمين ، يشربون بعض الكأس لا كله . .
وقد دل على ذلك أنهم لا يشربون عن ظمإ كما في قوله تعالى لآدم { إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَى } ، وسيأتي تعدية