@ 379 @ .
وقوله تعالى : { إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } فيه بيان مبدء خلق الإنسان ، وله أطوار في وجوده بعد النطفة علقة ثم مضغة ثم خلقاً آخر ، وكل ذلك من لا شيء قبله . .
كما قال تعالى : { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } . .
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك عند الآية الكريمة { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } . قوله تعالى : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } . الهداية هنا بمعنى البيان ، كما في قوله تعالى : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى } . .
والسبيل الطريق السوي ، وفيه بيان انقسام الإنسان إلى قسمين : شاكر معترف بنعمة الله تعالى عليه ، مقابل لها بالشكر أو كافر جاحد . .
وقوله : { إِمَّا شَاكِراً } ، يشير إلى إنعام الله تعالى على العبد ، وقد ذكر تعالى نعمتين عظيمتين : .
الأولى : إيجاد الإنسان من العدم بعد أن لم يكن شيئاً مذكوراً ، وهذه نعمة عظمى لا كسب للعبد فيها . .
والثانية : الهداية بالبيان والإرشاد إلى سبيل الحق والسعادة ، وهذه نعمة إرسال الرسل وإنزال الكتب ولا كسب للعبد فيها أيضاً . .
وقد قال العلماء : هناك ثلاث نعم لا كسب للعبد فيها . .
الأولى : وجوده بعد العدم . .
الثانية : نعمة الإيمان . .
الثالثة : دخول الجنة . .
وقالوا : الإيجاد من العدم ، تفضل من الله تعالى كما قال : { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } ، ومن جعله الله عقيماً فلن