@ 376 @ أملائكة العذاب أم ملائكة الرحمة ؟ .
ولكن في الآية قرينة على أن الأول أرجح ، لأن قول الملائكة يكون في حق الشخص المتردد في أمره ، وهذا هنا ليس موضع تردد لأن نهاية السياق فيه { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى وَلَاكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى } إلى ما بعده . وقال أبو حيان : على أنه على قول الملائكة من يرقى بروحه ، يكون ذلك كراهية . منهم أن يصعدوا بها ، وفي هذا نظر ، لأن الله تعالى جعل ملائكة للمشركين وهم ملائكة العذاب ، وملائكة للمؤمنين ، وهم ملائكة الرحمة . ولا يستكره فريق منهما أن يصعد بما تخصص له ، بل قد لا يسمح للآخر بما يخصه . .
كما في حديث الذي قتل مائة نفس ، وأدركته الوفاة في منتصف الطريق ، فحضرته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب يختصمون أيهم يصعد بروحه ، كل يريد أن يتولى قبض روحه أولئك يقولون : إنه قتل مائة نفس ولم يعمل خيراً قط ، وأولئك يقولون : إنه خرج تائباً إلى الله تعالى . .
وهذا كما تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه من ترجيح أحد المعنيين المختلف فيهما بين المفسرين لوجود قرينة في الآية . وقد وجدت القرينة وهي ما في آخر الآية والسياق من أنه ليس موضع تردد { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى } . والله تعالى أعلم . قوله تعالى : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى } . رد على زعم أنه خلق سدى وهملاً ، وأنه لا يحاسب ولا يسأل وبالتالي لا يبعث . .
وقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، بيان ذلك عند قوله تعالى : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } أي تعالى الله عن العبث ، وقد ساق الشيخ الأدلة الوافية هناك . قوله تعالى : { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالاٍّ نثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِىَ الْمَوْتَى } .