@ 365 @ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ } ، فهذه الآية من سورة البقرة مبينة تماماً لآية المدثر . .
المسألة الثانية قوله تعالى : { لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } أن هذا مطابق لما عندهم في التوراة ، وهذا مما يشهد لقومهم على صدق ما يأتي به النَّبي صلى الله عليه وسلم ، وما ادعاه لإيمانهم وتصديقهم . .
وقد ذكر القرطبي حديثاً في ذلك واستغربه ، ولكن النص يشهد لذلك . .
المسألة الثالثة : أن المؤمن كلما جاءه أمر عن الله وصدقه ، ولو لم يعلم حقيقته اكتفاء بأنه من الله ، ازداد بهذا التصديق إيماناً وهي مسألة ازدياد الإيمان بالطاعة والتصديق . .
المسألة الرابعة : بيان أن الواجب على المؤمن المبادرة بالتصديق والانقياد ، ولو لم يعلم الحكمة أو السر أو الغرض بناء على أن الخبر من الله تعالى . وهو أعلم بما رواه . .
وفي هذه المسألة مثار نقاش حكمة التشريع ، وهذا أمر واسع ، ولكن المهم عندنا هنا ونحن في عصر الماديات وتقدم المخترعات وظهور كثير من علامات الاستفهام عند كثير من آيات الأحكام ، فإنا نود أن نقول : .
إن كل ما صح عن الشارع الحكيم من كتاب أو سنة وجب التسليم والانقياد إليه ، علمنا الحكمة أو لم نعلم . لأن علمنا قاصر وفهمنا محدود والعليم الحكيم الرَّؤوف الرَّحيم سبحانه لا يكلِّف عباده إلا بما فيه الحكمة . .
ومجمل القول إن الأحكام بالنسبة لحكمتها قد تكون محصورة في أقسام ثلاثة : .
القسم الأول : حكم تظهر حكمته بنص كما في وجوب الصلاة ، جاء إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر ، وهذه حكمة جليلة والزكاة جاء عنها أنها تطهرهم وتزكيهم . .
وفي الصوم جاء فيه : لعلكم تتقون . .
وفي الحج جاء فيه : ليشهدوا منافع لهم . فمع أنها عبادات لله فقد ظهرت حكمتها جلية . .
وفي الممنوعات كما قالوا في الضروريات الست ، حفظ الدين ، والعقل ، والدم ،