@ 354 @ .
وجهة نظر .
وهنا وجهة نظر ، وإن كنت لم أقف على قول فيها ، وهي أن كل نص متقدم صريح في النهي عن اتخاذ المساجد على القبور ، بأن يكون القبر أولاً ثم يتخذ عليه المسجد . كما جاء في قصة أصحاب الكهف : { قَالَ الَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا } أي أن القبر أولاً والمسجد ثانياً . .
أما قضية الحجرة والمسجد النبوي فهي عكس ذلك ، إذ المسجد هو الأول وإدخال الحجرة ثانياً ، فلا تنطبق عليه تلك النصوص في نظري . والله تعالى أعلم . .
ومن ناحية أخرى لم يكن الذي أدخل في المسجد هو القبر أو القبور ، بل الذي أدخل في المسجد هو الحجرة أي بما فيها ، وقد تقدم كلام صاحب فتح المجيد في تعريف الوثن : أنه ما سجد إليه من قريب . .
وعليه فما من مصلّ يبعد عن مكة إلا ويقع بينه وبين الكعبة قبور ومقابر . ولا يعتبر مصلياً إلى القبور لبعدها ووجود الحواجز دونه ، وإن كان البعد نسبياً . فكذلك في موضوع القبور الثلاثة في الحجرة ، فإنها بعيدة عن مباشرة الصلاة إليها ، والحمد لله رب العالمين . .
وأيضاً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلاماً في ذلك ملخصه من المجموع جلد 72 ص 323 وكأن النَّبي صلى الله عليه وسلم لما مات ودفن في حجرة عائشة رضي الله عنها . وكانت هي وحجز نسائه في شرقي المسجد وقبليه ، لم يكن شيء من ذلك داخلاً المسجد . واستمر الأمر على ذلك إلى أن انقرض عصر الصحابة بالمدينة . .
ثم بعد ذلك في خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان بنحو من سنة من بيعته وُسِّع المسجد وأدخلت فيه الحجرة للضرورة . فإن الوليد كتب إلى نائبه عمر بن عبد العزيز ، أن يشتري الحُجَر من ملاّكها ورثة أزواج النَّبي صلى الله عليه وسلم ، فإنهن كن توفين كلهن رضي الله عنهن ، فأمره أن يشتري الحجر ويزيدها في المسجد فهدمها وأدخلها في المسجد ، وبقيت حجرة عائشة على حالها . وكانت مغلقة لا يمكن أحد من الدخول إلى قبر النَّبي صلى الله عليه وسلم لا لصلاة عنده ولا لدعاء ولا غير ذلك . إلى حين كانت عائشة في الحياة وهي توفيت قبل إدخال الحجرة بأكثر من عشرين أو ثلاثين سنة . .
وقال في صفحة 823 : ولم تكن تمكن أحداً أن يفعل عند قبره شيئاً مما نهى عنه