@ 322 @ .
وقد كان من الممكن أن يعرج به إلى السماء من جوف مكة ، ومن المسجد الحرام ، ولكن ليريه من آيات الله كعلامات الطريق لتكون دليلاً له على قريش في إخباره بالإسراء والمعراج ، وتقديم جبريل له الأقداح الثلاثة بالماء واللبن والخمر ، واختياره اللبن رمزاً للفطرة . واجتماع الأنبياء له والصلاة بهم في المسجد الأقصى ، بينما رآهم في السماوات السبع ، وكل ذلك من آيات الله أُريها صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى ، والمسجد النبوي ، ومسجد قباء ، فمسجد قباء نزل فيه قوله تعالى : { لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ } . .
فجاء في صحيح مسلم أن أبا سعيد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي مسجد أسس على التقوى من أول يوم ؟ فأخذ صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصباء وضرب بها أرض مسجده ، وقال : ( مسجدكم هذا ) . .
وجاء في بلوغ المرام وغيره : حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم سأل أهل قباء فقال : ( إن الله يثني عليكم ) فقالوا إنا نتبع الحجارة الماء ، رواه البزار بسند ضعيف . .
قال في سبل السلام : وأصله في أبي داود والترمذي في السنن عن أبي هريرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نزلت هذه الآية في أهل قباء : ) { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ } . .
قال ابن حجر : وصححه ابن خزيمة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بدون ذكر الحجارة . .
وقال صاحب وفاء الوفاء : وروى ابن شيبة من طرق : ما حاصله أن الآية لما نزلت أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل قباء . .
وفي رواية : أهل ذلك المسجد . .
وفي رواية : بني عمرو بن عوف . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قد أحسن عليكم الثناء في الطهور ، فما بلغ من طهوركم ؟ قالوا : نستنجي بالماء ) . .
قال : وروى أحمد وابن شيبة واللفظ لأحمد عن أبي هريرة قال : انطلقت إلى مسجد التقوى أنا وعبد الله بن عمر وسمرة بن جندب ، فأتينا النَّبي صلى الله عليه وسلم فقالوا لنا : انطلقوا إلى مسجد التقوى ، فانطلقنا نحوه . فاستقبلنا يداه على كاهل أبي بكر وعمر فثرنا في وجهه فقال : من هؤلاء يا أبا بكر ؟ قال : عبد الله بن عمر ، وأبو هريرة وجندب .