@ 318 @ وهو البعد عن الحق ، كما في قوله تعالى : { فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ } . .
ومنه البعد عن حقيقة التوحيد إلى الشرك ، وهو المراد هنا كما في سورة الكهف في قوله : { لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلاهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا } لأن دعاءهم غير الله أبعد ما يكون عن الحق . .
ويدل على أن المراد هنا ما جاء في هذه السورة { فَأامَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } . قوله تعالى : { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } . بين تعالى المراد بتلك الحراسة بأنه لحفظها عن استراق السمع ، كما في قوله : { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظاً } ، وبين تعالى حالهم قبل ذلك بأنهم كانوا يقعدون منها مقاعد للسمع فيسترقون الكلمة وينزلون بها إلى الكاهن فيكذب معها مائة كذبة ، كما بين تعالى أن الشهب تأتيهم من النجوم . .
كما في قوله تعالى : { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ } . قوله تعالى : { وَأَنَّا لاَ نَدْرِى أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى الاٌّ رْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } . فيه نص على أن الجن لا تعلم الغيب ، وقد صرح تعالى في قوله : { فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ } . .
وقد يبدو من هذه الآية إشكال ، حيث قالوا أولاً : { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانَاً عَجَباً يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَأامَنَّا بِهِ } ، ثم يقولون { وَأَنَّا لاَ نَدْرِى أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى الاٌّ رْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } ، والواقع أنهم تساءلوا لما لمسوا السماء فمنعوا منها لشدة حراستها ، وأقروا أخيراً لما سمعوا القرآن وعلموا السبب في تشديد حراسة السماء ، لأنهم لما منعوا ما كان يخطر ببالهم أنه من أجل الوحي لقوله { وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً } . .
وقوله تعالى : { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } ( الجن : 8 ) يدل بفحواه أنهم منعوا من السمع ، كما قالوا فمن يستمع الآية يجد له شهاباً رصداً ،