@ 304 @ أجمل ما يعلمون في ما الموصولة مما ، وقد بينه تعالى في عدة مراحل من تراب أولاً ثم من نطفة . وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك في أكثر من موضع ، وأصرح نص في ذلك قوله تعالى { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } وقوله : { فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَآئِبِ } أي ماء الرجل وماء المرأة يختلطان معاً ، كما في قوله تعالى : { هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } . .
وقوله تعالى : { كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ } ليس لمجرد الإخبار ، لأنهم يعلمون ، والعالم ليس في حاجة إلى إخبار ، ولكن يراد بذلك لازم الخبر ، وهو إفهامهم بأن من خلقهم من هذا الذي يعلمون قادر على إعادتهم وبعثهم ومجازاتهم ، كما في سورة الدهر { إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } . ثم قال : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } . ثم بين المصير { إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً إِنَّ الاٌّ بْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً } . قوله تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ } . قوله تعالى { فَلاَ أُقْسِمُ } ظاهر النفي ، والحال أنه أقسم بدليل جواب القسم بعده { إِنَّا لَقَادِرُونَ عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ } ، وللعلماء في مجيء لا هذه ، كلام كثير ، وقد فصله الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في دفع إيهام الاضطراب في سورة البلد ، وسيطبع إن شاء الله في نهاية هذه التتمة . .
وقوله : { بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ } فهو الله تعالى رب كل شيء ومليكه ، وقد نص على نظيره في سورة الرحمان { رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } . .
وقد جمعت المشارق هنا ، وثنيت في الرحمان وأفردت في قوله تعالى { وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ } ، فالجمع على مشارق الشمس في السنة لكل يوم مشرق ،