@ 273 @ وقد أطال في الهداية الكلام عليها ، ولعل أحسن ما يقال في ذلك ما جاء عن عمر رضي الله عنه في سنن الدارقطني ، قال : جاء ناس من أهل الشام إلى عمر رضي الله عنه ، فقالوا : إنا قد أصبنا أموالاً وخيلاً ورقيقاً ، وإنا نحب أن نزكيه ، فقال : ما فعله صاحباي قبلي فأفعله أنا ، ثم استشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : حسن ، وسكت عَلِيّ ، فسأله ، فقال : هو حسن لو لم تكن جزية راتبة يؤخذون بها بعدك . فأخذ من الفرس عشرة دراهم ، وفيه : فوضع على الفرس ديناراً . .
وفي المنتقى عن أحمد رحمه الله أنهم قالوا : نحب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور ، فهي إذا دائرة بين الاستحباب والترك . .
وقد جاء في نفس الحديث الطويل المتقدم أنهم قالوا : والحمر يا رسول الله فقال : ( ما أُنزل عليَّ فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } رواه الستة إلا الترمذي . .
وعليه فإن الأحاديث التي هي نص في الوجوب أو للترك لم تصلح للاحتجاج ، والحديث الذي فيه الاحتمال في معنى حق الله في ظهورها ورقابها ، قال ابن عبد البر : إنه مجمل ، فلم يكن في النصوص المرفوعة متمسك للأحناف في قولهم بوجوب زكاة الخيل ، وبقي مفهوم الحديث . .
وقول عمر رضي الله عنه . أما مفهوم الحديث فقد أشرنا إلى القرائن التي فيه على عدم الوجوب . .
وأما فعل عمر رضي الله عنه ففيه قرائن أيضاً ، بل أدلة على عدم الوجوب وهي أولاً لأنهم هم الذين طلبوا منه أن يزكيها ويطهرها بالمزكاة وإيجاب الزكاة لا يتوقف على رغبة المالك . .
ثانياً : توقف عمر وعدم أخذها منهم لأول مرة ، ولو كانت معلومة له مزكاة لما خفيت عليه ولما توقف . .
ثالثاً : تصريحه بأنه لم يفعله صاحباه من قبله ، فكيف يفعله هو ؟ .
رابعاً : قول علي : ما لم تكن جزية من بعدك . أي : إن أخذها عمر استجابة لرغبة أولئك فلا بأس لتبرعهم بها ، ما لم يكن ذلك سبباً لجعلها لازمة على غيرهم فتكون كالجزية على المسلمين . .
ومما يستدل به للجمهور حديث ( قد عفوت عن الخيل والرقيق فأدوا زكاة