@ 266 @ السَّمَآءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلاَ يَسْألُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ } إلى قوله تعالى { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى } فإنها كلها من أحوال يوم القيامة ، فدل بذلك على زمن وقوعه . ولعل في قوله تعالى { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى } رد على أولئك المستخفين بالعذاب المستعجلين به مجازاة لهم بالمثل ، كما دعوا وطلبوا لأنفسهم العذاب استخفافاً فهي تدعوهم إليها زجراً وتخويفاً مقابلة دعاء بدعاء ، أي إن كنتم في الدنيا دعوتم بالعذاب فهذا هو العذاب يدعوكم إليه { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ } عن سماع الدعوة وأعرض عنها وتولى وهذا الرد بهذه الصفات التي قبله من تغيير السماء كالمهل وتسيير الجبال كالعهن ، وتقطع أواصر القرابة من الفزع والهول مما يخلع القلوب كما وقع بالفعل في الدنيا ، كما ذكر القرطبي قصة جبير بن مطعم قال : قدمت المدينة لأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر فسمعته يقرأ { وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ } إلى قوله تعالى : { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } فكأنما صدع قلبي فأسلمت خوفاً من نزول العذاب وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع العذاب . .
وذكر القرطبي أيضاً عن هشام بن حسان قال : انطلقت أنا ومالك بن دينار إلى الحسن وعنده رجل يقرأ والطور حتى بلغ { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } فبكى الحسن وبكى أصحابه فجعل مالك يضطرب حتى غشي عليه . .
وذكر ابن كثير عن عمر رضي الله عنه أنه كان يعس بالمدينة ذات ليلة إذ سمع رجل يقرأ بالطور قربا لها أعيد منها عشرين يوماً ، فكان هذا الوصف المفزع رداً على ذاك الطلب المستخف والله تعالى أعلم . ونأمل أن نكون قد وفينا الإيضاح الذي أراده رحمه الله تعالى . قوله تعالى : { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } . في هذه الآية الكريمة مقدار هذا اليوم خمسون ألف سنة ، وجاءت آيات أخر بأنه ألف سنة في قوله تعالى : { وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } وقوله : { يُدَبِّرُ الاٌّ مْرَ مِنَ السَّمَآءِ إِلَى الاٌّ رْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ }