@ 240 @ وإنتاج كل حاجياتها حتى الإبرة لتستغني عن غيرها ، وإلا احتاجت إلى الغير بقدر ما قصرت في الإنتاج ، وهذا هو واقع العالم اليوم ، إذ القدرة الإنتاجية هي المتحكمة وذات السيادة الدولية . .
وقد أعطى الله العالم الإسلامي الأولوية في هذا كله ، فعليهم أن يحتلوا مكانهم ويحافظوا على مكانتهم ويشيدوا كيانهم بالدين والدنيا معاً . وبالله التوفيق . قوله تعالى : { أَءَمِنتُمْ مَّن فِى السَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الاٌّ رْضَ فَإِذَا هِىَ تَمُورُ } . ذكر أبو حيان في قراءة { أَءَمِنتُمْ } عدة قراءات من تحقيق الهمزتين ، ومن تسهيل الثانية ومن إدخال ألف بينهما وغير ذلك ، والخسف ذهابها سفلاً ، كما خسف بقارون ، والمور الحركة المضطربة أو الحركة بسرعة ، وقد ثبتها تعالى بالجبال أوتاداً كما قال : { وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعاً لَّكُمْ } ، ومن السماء . قال ابن جرير : هو الله تعالى ا ه . .
وعزاه القرطبي لابن عباس ، ويشهد لما قاله : ما جاء بعده من خسف الأرض وإرسال الحاصب ، فإنه لا يقدر عليه إلا الله ، كما أنه ظاهر النص ، وبهذا يرد على الكسائي فيما ذهب إليه ومن تبعه عليه كأبي حيان ، إذا قالوا : إنه على تقدير محذوف من قبيل المجاز ، ومجازه عندهم أن ملكوته في السماء أي على حذف مضاف وملكوته في كل شيء ، ولكن خص السماء بالذكر ، لأنها مسكن ملائكته ، وثم عزته وكرسيه واللوح المحفوظ . ومنها تتنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونهيه . إلخ . .
وقيل : هو جبريل لأنه الموكل بالخسف ، وقيل : إنه مجاراة لهم في معتقدهم بأن الله في السماء ، وهذه الأقوال مبناها على نفي صفة العلو لله تعالى ، وفراراً من التشبيه في نظرهم ، ولسكن ما عليه السلف خلاف ما ذهبوا إليه ، ومعتقد السلف هو طبق ما قاله ابن جرير لحديث الجارية : ( أين الله ؟ قالت في السماء ، قال : اعتقها فإنها مؤمنة ) ولعدة آيات في هذا المعنى . .
وقد بحث الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه هذا المبحث بأوسع وأوضح ما يمكن مما لم يدع لبساً ولا يترك شبهة ، ولا يستغني عنه مسلم عالماً كان أو متعلماً ، فالعالم يأخذ منه منهج التعليم السليم وأسلوب البيان الحكيم ، والمتعلم يأخذ منه ما يجب عليه من