@ 214 @ كما في مستهلها قوله تعالى : { قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُ } . .
ثم بين تعالى أنه خلقه من نطفة ماء مهين ، ولكن قدر الله تعالى قدرتها وصورتها حتى صارت خلقاً سوياً ، وجعل له وهو في بطن أمه عينين ولساناً وشفتين أي وأنفاً وأذنين ويدين ورجلين وكل جهاز فيه حير الحكماء في صنعه ونظامه . .
ثم قدر تعالى أرزاقه على الأرض قبل وجوده يوم خلق الأرض ، وجعله آية على قدرته وعاتب الإنسان على كفره { قُلْ أَءِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الاٌّ رْضَ فِى يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } . .
وبعد وجود الكون وخلق الإنسان قدر في الإيجاد بإنزال المطر ، { فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ } { ثُمَّ شَقَقْنَا الاٌّ رْضَ شَقّاً فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً وَعِنَباً } . .
ثم إن صب هذا الماء كان بقدر ، كما في قوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ } . .
وقوله : { وَلَاكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ } أي بقدر ما يصلحهم ولو زاده لفسد حالهم ، كما في قوله قبلها { وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الاٌّ رْضِ وَلَاكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ } وبقدر مصلحتهم ينزل لهم أرزاقهم . .
كما نبه على ذلك بقوله : { إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّءَاهُ اسْتَغْنَى } . .
هذه لمحة عن حكمة تقدير العزيز الحكيم الذي أحسن كل شيء خلقه ، والذي قدر الأشياء قبل وجودها كما في قوله : { وَالَّذِى قَدَّرَ فَهَدَى } . .
وكما في حديث القلم وكتابة كل شيء قبل وجوده بزمانه ومكانه ومقداره ، إن آية القدرة وبيان العجز قدرة الخالق وعجز المخلوق كما في قوله تعالى : { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } . .
وكقوله : { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِى كِتَابٍ } أي