@ 199 @ .
وعلى كل ، فإن قضية القدر من أخطر القضايا وأغمضها ، كما قال علي رضي الله عنه : القدر سرّ الله في خلقه . .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا ذُكر القضاء فأمسِكوا ) ، ولكن على المسلم النظر فيما أنزل الله من وحي وبعث من رسل . .
وأهم ما في الأمر هو جري الأمور على مشيئة الله وقد جاء موقف عملي في قصة بدر ، يوضح حقيقة القدر ويظهر غاية العبر في قوله تعالى : { إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِى مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِى الاٌّ مْرِ وَلَاكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } . .
فهو تعالى الذي سلم من موجبات التنازع والفشل بمقتضى علمه بذات الصدور . .
ثم قال : { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِى أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِى أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِىَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ } ، فقد أجرى الأسباب على مقتضى إرادته فقلل كلاً من الفريقين في أعين الآخر ليقضي الله أمراً كان في سابق علمه مفعولاً ، ثم بين المنتهى ، { وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ } ، والعلم عند الله تعالى . قوله تعالى : { ذَالِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُواْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِىٌّ حَمِيدٌ } . فيه استنكار الكفار أن يكون من يهديهم بشراً لا ملكاً ، كما قال تعالى : { وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَآءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولاً } ، وقوله تعالى : { أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ } . .
قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ، في مذكرة الدراسة : فشبهتهم هذه الباطلة ردها الله في آيات كثيرة كقوله تعالى : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً } ، وقوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً } أي لا ملائكة وقوله { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى الاٌّ سْوَاقِ } . .
قوله تعالى : { فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِىٌّ حَمِيدٌ } تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام عليه عند قوله تعالى : { وَللَّهِ عَلَى