@ 177 @ وكذلك المسافر إذا كان سائراً ، أما إذا كان نازلاً ، فخالف فيه داود أيضاً . .
ومما استدل به الجمهور على سقوط الجمعة عن المسافر وقت نزوله ما وقع من فعله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، إذ كانت الوقفة يوم الجمعة ، وكان صلى الله عليه وسلم نازلاً ولم يصل الجمعة ، بدليل أنه لم يجهر بالقراءة ، ونازع في ذلك ابن حزم وقال : غاية ما فيه ترك الجهر في الجهرية ، وهذا لا يبطلها . ولكن يمكن أن يقال له : لقد قال صلى الله عليه وسلم . ( خذوا عني مناسككم ) . .
والصلاة أثناء الحج مما يؤخذ عنه صلى الله عليه وسلم كالجمع تقديماً في عرفة وتأخيراً في مزدلفة ، ولا يتأتى أن يترك الجهر في الجهرية وهو أقل ما فيه أنه خلاف الأولى ويأمرهم أن يأخذوه عنه . .
ومن هذا كله صح ما ذهب إليه الجمهور من أنه لا جمعة على مملوك ولا مسافر . كما لا جمعة على المرأة والمريض ، وبالله تعالى التوفيق . .
قال ابن كثير : وإنما يؤمر بحضور الجمعة الرجال الأحرار دون العبيد والنساء والصبيان ، ويعذر المسافر والمريض ويتم المريض وما أشبه ذلك من الأعذار . .
أما سقوطها عن أهل البوادي ومن في حكمهم ، فهو قول لجمهور مع اختلافهم في تحقيق المناط في ذلك بين المصر والقرية ، والبادية ، وبالرجوع إلى أقوال الأئمة نجد الخلاف الآتي أقوال الأئمة في مكان الجمعة . .
أولاً : عند أبي حنيفة رحمه الله قال في الهداية ما نصه : لا تصح الجمعة إلا في مصر جامع أو في مصلى المصر ، ولا تجوز في القرية لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع ) . .
وفسر الشارح ابن الهمام المصر بقوله : والمصر الجامع كل موضع له أمير وقاض ينفذ الأحكام ويقيم الحدود ، وناقش الأثر الذي أورده المصنف قائلاً : رواه ابن أبي شيبة موقوفاً على عليّ رضي الله عنه ( لا جمعة ولا تشريق ولا صلاة فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع أو مدينة عظيمة ) صححه ابن حزم . .
ورواه عبد الرزاق من حديث عبد الرحمان السلمي عن علي رضي الله عنه ، قال : لا تشريق ولا جمعة إلا في مصر جامع ا ه .