@ 89 @ إعادة هذه الآية تأكيد على معنى الآية الأولى . .
وقوله : { لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الاٌّ خِرَ } يفسره ما تقدم من قوله : { إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِى سَبِيلِى وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِى } ، لأنها تساويها في الماصدق ، وهنا جاء بهذا اللفظ ليدل على العموم ، وتكون قضية عامة فيما بعد لكل من يرجو الله واليوم الآخر ، أن يتأسى بإبراهيم عليه السلام والذين معه في موقفهم المتقدم . .
وقوله تعالى : { وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ } التولي هنا الإعراض عن أوامر الله عموماً . .
وهنا يحتمل تولي الكفار وموالاتهم ، فإن الله غني عنه حميد . .
قال ابن عباس : كمل في غناه ، ومثله قوله تعالى : { فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ } . .
وقد جاء بيان استغناء الله عن طاعة الطائعين عموماً وخصوصاً فجاء في خصوص الحج { وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } . .
وجاء في العموم قوله تعالى : { إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِى الاٌّ رْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ } ، لأن أعمال العباد لأنفسهم ، كما قال تعالى : { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } . .
وكما في الحديث القدسي : ( لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ) . .
وقد بين تعالى غناه المطلق بقوله : { لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِىُّ الْحَمِيدُ } . قوله تعالى : { عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . لم يبين هنا هل جعل المودة بالفعل بينهم وبين من عادوهم وأمروا بمقاطعتهم وعدم موالاتهم من ذوي أرحامهم أم لا . ولكن عسى من الله للتأكيد ، والتذييل بقوله تعالى :