@ 78 @ العدم لا يخلق شيئاً لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، والعدم ليس أمراً وجودياً حتى يمكن له أن يوجد موجوداً . .
أم هم الخالقون ؟ .
وهم أيضاً يعلمون من أنفسهم أنهم لم يخلقوا أنفسهم ، فيبقى المخلوق لا بد له من خالق ، وهو الله تعالى : الخالق البارىء . .
ولو قيل من جانب المنكر : إن ما نشاهده من وجود الموجود كالإنسان والحيوان والنبات يتوقف وجوده على أسباب نشاهدها ، كالأبوين للحيوان وكالحرث والسقي للنبات إلخ ، قوله تعالى : { الْمُصَوّرُ } ، فهل الأبوان يملكان تصوير الجنين من جنس الذّكورة أو الأنوثة أو من جنس اللّون والطّول والقصر والشبه ؟ .
الجواب : لا وكلا ، بل ذلك لله وحده ، هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ، كما قال تعالى : { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } . .
وكذلك في النبات ، توضع الحبة وتسقى بالماء ، فالتربة واحدة ، والماء واحد ، فمن الذي يصور شكل النبات هذا نجم على وجه الأرض ، وذاك نبت على ساق ، وهذا كرم على عرش ، وذاك نخل باسقات ، فإذا طلعت الثمرة في أول طورها فمن الذي يصورها في شكلها ، من استدارتها أو استطالتها أو غير ذلك ، وإذا تطورت إلى النضج فمن الذي صورها في لونها الأحمر أو الأصفر أو الأسود أو الأخضر أو الأبيض ؟ هل هي التربة أو الماء أو هما معاً ، لا وكلا . إنه هو الله الخالق البارىء المصور ، سبحانه له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السمواات والأرض طوعاً وكرهاً . .
وهنا عود على بدء يختم السورة بما بدأت به مع بيان موجباته واستحقاقه ، وآيات وحدانيته ، سبحانه لا إله إلا هو العزيز الحكيم .