@ 67 @ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } ، ونتيجة ذلك في الآخرة من عدم استواء الفريقين ، فأصحاب نار وأصحاب جنة . .
ولكأن الأمثال هنا والتنبيه عليها إشارة إلى أن أولئك بنسيانهم لله وإنسائه إياهم أنفسهم ، صاروا بهذا النسيان أشد قساوة من الجبال ، بل إن الجبال أسرع تأثراً بالقرآن منهم لو كانوا يتفكرون . .
وقد قال أبو السعود : إنه أراد توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وعدم تخشعه عند تلاوته وقلة تدبره فيه ا ه . .
وهكذا بهذه الأمثلة ينتزع الحكم من السامع على أولئك المعرضين الغافلين بأن قلوبهم قاسية كالجبال أو أشد قسوة كما قدمنا ، بخلاف المؤمنين تلين جلودهم وقلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق كما قال تعالى : { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ } . قوله تعالى : { هُوَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الاٌّ سْمَآءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } . جاءت في هذه الآيات الثلاث : ذكر كلمة التوحيد مرتين ، كما ذكر فيها أيضاً تسبيح الله مرتين ، وذكر معهما العديد من أسماء الله الحسنى وصفاته العليا ، فكانت بذلك مشتملة على ثلاث قضايا أهم قضايا الأديان كلها مع جميع الأمم ورسلهم ، لأن دعوة الرسل كلها في توحيد الله تعالى في ذاته وأسمائه وصفاته وتنزيهه ، والرد على مفتريات الأمم على الله تعالى . .
فاليهود قالوا : عزير ابن الله . .
والنصارى قالوا المسيح ابن الله . .
والمشركون قالوا : { اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَداً } ، { وَجَعَلُواْ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَانِ إِنَاثاً } ، وقالوا : { أَجَعَلَ الاٌّ لِهَةَ إِلَاهاً وَاحِداً إِنَّ هَاذَا لَشَىْءٌ