@ 536 @ لا قدرة لنا بذلك فيقال : كيف تنكرون البعث وأنتم تعلمون أن من أنشأ شجرة النار وأخرجها منها قادر على كل شيء ؟ وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون خلق النار من أدلة البعث ، وجاء موضحاً في يس في قوله تعالى { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِى جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الاٌّ خْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ } فقوله في آخر يس { تُوقِدُونَ } هو معنى قوله في الواقعة : { تُورُونَ } وقوله في آية يس { الَّذِى جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الاٌّ خْضَرِ نَاراً } بعد قوله { يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ } دليل واضح على أن خلق النار من أدلة البعث . وقوله هنا { أَءَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ } أي الشجرة التي توقد منها كالمرخ والعفار ، ومن أمثال العرب في كل شجر نار ، واستنجد المرخ والعفار ، لأن المرخ والعفار هما أكثر الشجر نصيباً في استخراج النار منهما ، يأخذون قضيباً من المرخ ويحكمون به عوداً من العفار فتخرج من بينهما النار . ويقال كل شجر فيه نار إلا العناب . .
وقوله : { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً } أي نذكر الناس بها في دار الدنيا إذا أحسوا شدة حرارتها . نار الآخرة التي هي أشد منها حراً لينزجروا عن الأعمال المقتضية لدخول النار ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم : أن حرارة نار الآخرة مضاعفة على حرارة نار الدنيا سبعين مرة . فهي تفوقها بتسع وستين ضعفاً كل واحد منها مثل حرارة نار الدنيا . .
وقوله تعالى { وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } أي منفعة للنازلين بالقواء من الأرض ، وهو الخلاء والفلاة التي ليس بها أحد ، وهم المسافرون ، لأنهم ينتفعون بالنار انتفاعاً عظيماً في الاستدفاء بها والاستضاءة وإصلاح الزاد . .
وقد تقرر في الأصول أن من موانع اعتبار مفهوم المخالفة كون اللفظ وارداً للامتنان . وبه تعلم أنه لا يعتبر مفهوماً للمقوين ، لأنه جيء به للامتنان أي وهي متاع أيضاً لغير المقوين من الحاضرين بالعمران ، وكل شيء خلا من الناس يقال له أقوى ، فالرجال إذا كان في الخلا قيل له : أقوى . والدار إذا خلت من أهلها قيل لها أقوت . .
ومنه قول نابغة ذبيان : ومنه قول نابغة ذبيان : % ( يا دار مية بالعلياء فالسند % أقوت وطال عليها سالف الأبد ) % .
وقول عنترة :