@ 503 @ قوله تعالى : { يَوْمَ تَمُورُ السَّمَآءُ مَوْراً } ، ولكنه لا يخلو عندي من بعد . .
وما ذكره تعالى في هذه الآية الكريمة من انشقاق السماء يوم القيامة ، جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى : { إِذَا السَّمَآءُ انشَقَّتْ } وقوله تعالى { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَانشَقَّتِ السَّمَآءُ } وقوله : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَآءُ بِالْغَمَامِ } . وقوله : { إِذَا السَّمَآءُ انفَطَرَتْ } ، وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة ق في الكلام على قوله تعالى : { وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } . قوله تعالى : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْألُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أنه يوم القيامة لا يسأل إنساً ولا جاناً عن ذنبه ، وبين هذا المعنى في قوله تعالى في القصص : { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ } . .
وقد ذكر جل وعلا في آيات أخر أنه يسأل جميع الناس يوم القيامة الرسل والمرسل إليهم ، وذلك في قوله تعالى { فَلَنَسْألَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْألَنَّ الْمُرْسَلِينَ } ، وقوله { فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } . .
وقد جاءت آيات من كتاب الله مبينة لوجه الجمع بين هذه الآيات ، التي قد يظن غير العالم أن بينها اختلافاً ، اعلم أولاً أن للسؤال المنفي في قوله هنا { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْألُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } ، وقوله { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ } أخص من السؤال المثبت في قوله { فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، لأن هذه فيها تعميم السؤال في كل عمل ، والآيتان قبلها ليس فيهما نفي السؤال إلا عن الذنوب خاصة ، وللجمع بين هذه الآيات أوجه معروفة عند العلماء . .
الأول منها : وهو الذي دل عليه القرآن ، وهو محل الشاهد عندنا من بيان القرآن بالقرآن هنا ، هو أن السؤال نوعان : أحدهما سؤال التوبيخ والتقريع وهو من أنواع العذاب ، والثاني هو سؤال الاستخبار والاستعلام . .
فالسؤال المنفي في بعض الآيات هو سؤال الاستخبار والاستعلام ، لأن الله أعلم