@ 491 @ قوله تعالى : { الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } . الحسبان : مصدر زيدت فيه الألف والنون ، كما زيدت في الطغيان والرجحان والكفران ، فمعنى بحسبان أي بحساب وتقدير من العزيز العليم وذلك من آيات الله ونعمه أيضاً على بني آدم ، لأنهم يعرفون به الشهور والسنين والأيام ، ويعرفون شهر الصوم وأشهر الحج ويوم الجمعة وعدد النساء اللاتي تعتد بالشهور ، كاليائسة والصغيرة والمتوفى عنها . .
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحاً في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى { هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَآءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذالِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } . .
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى : { فَمَحَوْنَآ ءَايَةَ الَّيْلِ وَجَعَلْنَآ ءَايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ } . قوله تعالى : { وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } . اختلف العلماء في المراد بالنجم في هذه الآية ، فقال بعض العلماء : النجم هو ما لا ساق له من النبات كالبقول ، والشجر هو ما له ساق ، وقال بعض أهل العلم : المراد بالنجم نجوم السماء . قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : الذي يظهر لي صوابه أن المراد بالنجم هو نجوم السماء ، والدليل على ذلك أن الله جل وعلا في سورة الحج صرح بسجود نجوم السماء والشجر ، ولم يذكر في آية من كتابه سجود ما ليس له ساق من النبات بخصوصه . ونعني بآية الحج قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَمَن فِى الاٌّ رْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ } . .
فدلت هذه الآية أن الساجد من الشجر في آية الرحمن هو النجوم السماوية المذكورة مع الشمس والقمر في سورة الحج ، وخير ما يفسر به القرآن القرآن ، وعلى هذا الذي اخترناه ، فالمراد بالنجم النجوم ، وقد قدمنا الكلام عليه في أول سورة النجم