@ 478 @ قوله تعالى : { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } . لم يبين هنا ذات الألواح والدسر ، ولكنه بين في مواضع أخر أن المراد وحملناه على سفينة ذات ألواح ، أي من الخشب ودسر : أي مسامير تربط بعض الخشب ببعض ، وواحد الدسر دسار ككتاب وكتب ، وعلى هذا القول أكثر المفسرين . .
وقال بعض العلماء وبعض أهل اللغة : الدسور الخيوط التي تشد بها ألواح السفينة . .
وقال بعض العلماء : الدستور جؤجؤ السفينة أي صدرها ومقدمها الذي تدسر به الماء أي تدفعه وتمخره به ، قالوا : هو من الدسر وهو الدفع . .
فمن الآيات الدالة على أن ذات الألواح والدسر السفينة . قوله تعالى { إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِى الْجَارِيَةِ } أي السفينة كما أوضحناه في سورة شورى في الكلام على قوله تعالى { وَمِنْ ءَايَاتِهِ الْجَوَارِ فِى الْبَحْرِ كَالاٌّ عْلَامِ } . وقوله تعالى : { فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ السَّفِينَةِ } وقوله تعالى { وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } إلى غير ذلك من الآيات . قوله تعالى : { وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا ءايَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } . الضمير في قوله تعالى : { تَّرَكْنَاهَا } ، قال بعض العلماء إنه عائد إلى هذه الفعلة العظيمة التي فعل بقوم نوح . .
والمعنى ، ولقد تركنا فعلتنا بقوم نوح وإهلاكنا لهم آية لمن بعدهم ، لينزجروا ويكفوا عن تكذيب الرسل ، لئلا نفعل بهم مثل ما فعلنا بقوم نوح . وكون هذه الفعلة آية نص عليه تعالى بقوله { وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ ءَايَةً } وقوله تعالى { فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ إِنَّ فِى ذَلِكَ لاّيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } . .
وقال بعض العلماء : الضمير في تركناها عائد إلى السفينة ، وكون سفينة نوح آية بينه الله تعالى في آيات من كتابه كقوله تعالى { فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَآ ءَايَةً لِّلْعَالَمِينَ } وقوله تعالى { وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } .