@ 465 @ الأصول على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يجتهد ، والذين قالوا إنه قد يقع منه الاجتهاد ، استدلوا بقوله تعالى : { عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } . وقوله تعالى : { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الاٌّ رْضِ } . وقوله تعالى : { مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ } . .
قالوا : فلو لم يكن هذا عن اجتهاد ، لما قال { عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } . ولما قال : { مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى } ، ولا منافاة بين الآيات ، لأن قوله : { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى } معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يبلغ عن الله إلا شيئاً أوحى الله إليه أن يبلغه ، فمن يقول : إنه شعر أو سحر أو كهانة ، أو أساطير الأولين هو أكذب خلق الله وأكفرهم ، ولا ينافي ذلك أنه أذن للمتخلفين عن غزوة تبوك ، وأسر الأسارى يوم بدر ، واستغفر لعمه أبي طالب من غير أن ينزل عليه وحي خاص في ذلك ، وقد أوضحنا هذا في غير هذا الموضع . قوله تعالى : { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى } . المراد بشديد القوى في هذه الآية : هو جبريل عليه السلام ، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم علمه هذا الوحي . ملك شديد القوى هو جبريل . .
وهذه الآية الكريمة قد تضمنت أمرين : .
أحدهما : أن هذا الوحي الذي من أعظمه هذا القرآن العظيم ، علمه جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بأمر من الله . .
والثاني : أن جبريل شديد القوة . .
وهذان الأمران جاءا موضحين في غير هذا الموضع . .
أما الأول منهما وهو كون جبريل نزل عليه بهذا الوحي وعلمه إياه ، فقد جاء موضحاً في آيات من كتاب الله كقوله تعالى : { قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ } . وقوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاٌّ مِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ } . وقوله تعالى : { وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْءانِ مِن قَبْلِ إَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ } . وقوله تعالى : { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَل
