@ 438 @ .
والعرب تسمى شدة الخلق حبكاً ، ومنه قيل للفرس الشديد الخلق : محبوك . .
ومنه قول امرىء القيس . ومنه قول امرىء القيس . % ( قد غدا يحملني في أنفه % لاحق الأطلين محبوك ممر ) % .
والآية تشمل الجميع ، فكل الأقوال حق والمقسم عليه في هذه الآية هو قوله تعالى { إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } أي إنكم أيها الكفار لفي قول مختلف في شأن النبي صلى الله عليه وسلم وشأن القرآن ، لأن بعضهم يقول : هو شعر ، وبعضهم يقول : سحر ، وبعضهم يقول : كهانة ، وبعضهم يقول : أساطير الأولين ، وقول من قال في قول مختلف أي لأن بعضهم مصدق ، وبعضهم مكذب خلاف التحقيق . .
ويدل على أن الاختلاف إنما هو بين المكذبين دون المصدقين . قوله تعالى في ق { بَلْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِى أَمْرٍ مَّرِيجٍ } أي مختلط . وقال بعضهم : مختلف ، والمعنى واحد . .
وقوله تعالى : { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } أظهر الأقوال فيه عندي ولا ينبغي العدول عنه في نظري ، أن لفظة عن في الآية سببية كقوله تعالى : { وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِىءالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ } أي بسبب قولك ، ومن أجله ، والضمير المجرور بعن راجع إلى القول المختلف ، والمعنى يؤفك أي يصرف عن الإيمان بالله ورسوله عنه ، أي عن ذلك القول المختلف أي بسببه من أفك أي من سبقت له الشقاوة في الأزل ، فحرم الهدى وأفك عنه ، لأن هذا القول المختلف يكذب يعضه بعضاً ويناقضه . .
ومن أوضح الأدلة على كذب القول وبطلانه اختلافه وتناقضه كما لا يخفى ، فهذا القول المختلف الذي يحاول كفار مكة أن يصدوا به الناس عن الإسلام ، الذي يقول فيه بعضهم : إن الرسول ساحر ، وبعضهم يقول شاعر ، وبعضهم يقول : كذاب . ظاهر البطلان لتناقضه وتكذيب بعضه لبعض ، فلا يصرف عن الإسلام بسببه إلا من صرف ، أي صرفه الله عن الحق لشقاوته في الأزل فمن لم يكتب عليه في سابق علم الله الشقاوة والكفر لا يصرفه عن الحق قول ظاهر الكذب والبطلان لتناقضه . .
وهذا المعنى جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى : { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ } .