@ 405 @ ولذا قال تعالى بعدها { أَإِلَاهٌ مَّعَ اللَّهِ } يقدر على خلق السماوات والأرض وإنزال الماء من السماء وإنبات الحدائق به ، والجواب لا . لأنه لا إله إلا الله وحده . .
ثم قال تعالى : { أَمَّن جَعَلَ الاٌّ رْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِىَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَءِلاهٌ مَّعَ الله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } . .
فهذه المذكورات أيضاً ، التي هي جعل الأرض قراراً ، وجعل الأنهار خلالها ، وجعل الجبال الرواسي فيها ، وجعل الحاجز بين البحرين من خصائص ربوبيته جل وعلا ، ولذا قال بعد ذكرها أإله مع الله ؟ والجواب لا . .
فالاعتراف لله جل وعلا بأن خلق السماوات والأرض وإنزال الماء وإنبات النبات ونحو ذلك مما ذكر في الآيات من خصائص ربوبيته جل وعلا هو الحق ، وهو من طاعة الله ورسوله ، ومن تعظيم الله وتعظيم رسوله بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم في تعظيم الله . .
ثم قال تعالى وهو محل الشاهد { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَآءَ الاٌّ رْضِ أَءِلَاهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } . .
فهذه المذكورات التي هي إجابة المضطر إذا دعا ، وكشف السوء وجعل الناس خلفاء في الأرض من خصائص ربوبيته جل وعلا ، ولذا قال بعدها أإله مع الله قليلاً ما تذكرون . .
فتأمل قوله تعالى : { أَءِلاهٌ مَّعَ الله } مع قوله : { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ } تعلم أن إجابة المضطرين إذا التجؤوا ودعوا وكشف السوء عن المكروبين ، لا فرق في كونه من خصائص الربوبية ، بينه وبين خلق السماوات والأرض ، وإنزال الماء وإنبات النبات ، ونصب الجبال وإجراء الأنهار ، لأنه جل وعلا ذكر الجميع بنسق واحد في سياق واحد ، وأتبع جميعه بقوله : { أَءِلَاهٌ مَّعَ اللَّهِ } . .
فمن صرف شيئاً من ذلك لغير الله توجه إليه الإنكار السماوي الذي هو في ضمن قوله : { أَءِلَاهٌ مَّعَ اللَّهِ } فلا فرق ألبتة بين تلك المذكورات في كونها كلها من خصائص الربوبية . .
ثم قال تعالى : { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِى ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًى بَيْنَ يَدَىْ