@ 403 @ .
وقال بعض العلماء في قوله : { وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ } أي لا ترفعوا عنده الصوت كرفع بعضكم صوته عند بعض . قال القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية ما نصه : وفي هذا دليل على أنهم لم ينهوا عن الجهر مطلقاً ، حتى لا يسوغ لهم إلا أن يكلموه بالهمس والمخافتة ، وإنما نهوا عن جهر مخصوص مقيد بصفة ، أعني الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه منهم فيما بينهم ، وهو الخلو من مراعاة أبهة النبوة ، وجلالة مقدارها وانحطاط سائر الرتب وإن جلت عن رتبتها . انتهى محل الغرض منه . .
وظاهر هذه الآية الكريمة أن الإنسان قد يحبط عمله وهو لا يشعر ، وقد قال القرطبي : إنه لا يحبط عمله بغير شعوره وظاهر الآية يرد عليه . .
وقد قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ، ما نصه : وقوله عز وجل : { أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } أي إنما نهيناكم عن رفع الصوت عنده خشية أن يغضب من ذلك فيغضب الله تعالى لغضبه ، فيحبط عمل من أغضبه وهو لا يدري ، كما جاء في الصحيح ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى لا يلقى لها بالاً يكتب له بها الجنة ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض ) ا ه محل الغرض منه بلفظه . .
ومعلوم أن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كحرمته في أيام حياته ، وبه تعلم أن ما جرت به العادة اليوم من اجتماع الناس قرب قبره صلى الله عليه وسلم وهم في صخب ولغط . وأصواتهم مرتفعة ارتفاعاً مزعجاً كله لا يجوز ، ولا يليق ، وإقرارهم عليه من المنكر . .
وقد شدد عمر رضي الله عنه النكير على رجلين رفعا أصواتهما في مسجده صلى الله عليه وسلم ، وقال : لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضرباً . .
مسألتان .
الأولى : اعلم أن عدم احترام النبي صلى الله عليه وسلم المشعر بالغض منه أو تنقيصه صلى الله عليه وسلم والاستخفاف به أو الاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر بالله . .
وقد قال تعالى في الذين استهزءوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وسخروا منه في غزوة تبوك لما ضلت