@ 401 @ .
والمعنى لا تتقدموا أمام الله ورسوله : فتقولوا في شيء بغير علم ولا إذن من الله ، وهذه الآية الكريمة فيها التصريح بالنهي عن التقديم بين يدي الله ورسوله ، ويدخل في ذلك دخولاً أولياً تشريع ما لم يأذن به الله وتحريم ما لم يحرمه ، وتحليل ما لم يحلله ، لأنه لا حرام إلا ما حرمه الله ولا حلال إلا ما أحله الله ، ولا دين إلا ما شرعه الله . .
وقد أوضحنا هذه بالآيات القرآنية بكثرة في سورة شورى في الكلام على قوله تعالى : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } وفي سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى : { وَلاَ يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِ أَحَدًا } وفي سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى : { إِنَّ هَاذَا الْقُرْءَانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ } وفي غير ذلك من المواضع . .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { وَاتَّقُواْ اللَّهَ } أي بامتثال أمره واجتناب نهيه . .
وقوله { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } فهو سميع لكل ما تقولون من التقديم بين يديه وغيره ، عليم بكل ما تفعلون من التقديم بين يديه وغيره . قوله تعالى : { ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } . سبب نزول هذه الآية الكريمة ، أنه لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد تميم ، أشار عليه أبو بكر رضي الله عنه أن يؤمر عليهم القعقاع بن معبد بن زرارة بن عدس ، وأشار عليه عمر أن يؤمر عليهم القعقاع بن معبد بن زرارة بن عدس ، وأشار عليه عمر أن يؤمر عليهم الأقرع بن حابس بن عقال . .
فقال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي ، فقال عمر : ما أردت خلافك ، فارتفعت أصواتهما فأنزل الله : { لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ } ذكره البخاري في صحيحه وغيره . .
وهذه الآية الكريمة علَّم الله فيها المؤمنين أن يعظموا النبي صلى الله عليه وسلم ويحترموه ويوقروه ، فنهاهم عن رفع أصواتهم فوق صوته ، وعن أن يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض ، أي ينادونه باسمه : يا محمد ، يا أحمد ، كما ينادي بعضهم بعضاً . .
وإنما أمروا أن يخاطبوه خطاباً يليق بمقامه ليس كخطاب بعضهم لبعض ، كأن